Zenko Magazine
(الأردنية) تستضيف (أبو محجوب) للحديث عن تجربته في عالم الكاريكاتير

أخبار الجامعة الأردنية ( أ ج أ ) فادية العتيبي- مراحل مفصلية في شريط أيام حياة فنان الكاريكاتير عماد حجاج استرجعها أمس في محاضرة استضافته فيها الجامعة الأردنية، تناول تجربته في عالم الرسم الساخر؛ البدايات والمعوقات، والمواقف المؤثرة وأيضا الاخفاقات التي لم يخضع لها، حتى كان رمزا من رموز فن الكاريكاتير إن لم يكن في الأردن فقط بل وفي العالم العربي أيضا.

 

حجاج الذي أعرب عن سعادته باستضافة الجامعة الأردنية له في بواكير أنشطة وفعاليات منتدى الجامعة الأردنية الثقافي، استعرض رحلة عمله في عالم الكاريكاتير الذي توثب عتباته عن كفاءة وجدارة مستندا على موهبته الفطرية في فن الرسم رغم الصعوبات والتحديات التي اعترضت طريقه إلّا أنها كانت بوابة العبور لعالم الشهرة والتميز والانفراد.
 
 
البداية كانت في مرحلة الطفولة يستذكرها حجاج قائلا :" كنت أملك الموهبة، لكن لم ألق تشجيعا يذكر وعندما كبرت ودخلت الجامعة لم أفكر مجرد تفكير بدراسة الفنون حيث الموهبة التي أمتلكها، وانسقت وراء نصائح عائلتي وتصورات سائدة خاطئة لديهم حول دراسة الفن في ذلك الوقت، وأدرس الفيزياء لكن اكتشفت خطئي بعد ثلاث سنوات، لأقرر تغيير دراستي الجامعية حينها إلى دراسة فن الجرافيك رغم المعارضة الشديدة ممن حولي ، وقد كان بالفعل قرارا صعبا كلفني خسارة بعثتي الجامعية، لكن ورغم ذلك جاهدت حتى أتم دراستي واتوجه للعمل في مجال الفن".
 
 
وأضاف حجاج أن رسوماته الأولية في الكاريكاتير ظهرت أثناء دراسته لتخصص الفيزياء،  حيث كان يرسم رسومات ساخرة في أوقات الفراغ، وأحيانا لمجلة الحائط أو يقوم بخربشات ساخرة على كتب الزملاء في الكلية، وعندما تحول لدراسة الفنون انطلقت موهبته في الرسم، حيث كان مجدا في دراسته وسعيدا بأن هوايته وموهبته باتت  موضوع دراسته وربما مهنته المستقبلية.
 
 
وأوضح حجاج في حديثه أنه لم يكن يتوقع يوما أنه سيصبح رسام كاريكاتير، وكان قد هيأ نفسه لإتمام دراسته والتقدم لديوان الخدمة المدنية ليصبح معلم فن في أحدى المدارس، وقد أصابه الكثير من الاحباطات والصدمات حين شرع في البحث عن عمل، من كثرة الأبواب المغلقة وصعوبة الحصول على مهنة الأحلام، وبالرغم من ذاك كله، كان يمارس هوايته في رسم الكاريكاتير الساخر السياسي والمحلي، ويرسلها للنشر بلا مقابل للعديد من الصحف الأسبوعية التي انتشرت في ذلك الوقت ، بالإضافة إلى زياراته العديدة للصحف الأسبوعية لنشر رسوماته بلا مقابل، لتلقى الرواج ويتحمس أكثر للنشر مقابل أن يصنع لنفسه اسما معروفا في عالم الصحافة، وكانت المرة الأولى التي عرف فيها القراء في الاردن رساما جيدا بتوقيع غريب غير مقروء يشبه حرفي zb أو حجاج .
 
 
ومن هنا بدأت رحلته في عالم الفن، حيث حاول حجاج أن يصوغ لنفسه أسلوبا خاصا ومميزا في عالم الرسم الكاريكاتوري، فكان يستخدم وسائل رسم تقليدية ويبتكر أساليب جديدة في تقنيات الرسم، حتى وصل إلى أسلوب شد به القارىء وأضحى علامة مسجلة له.
 
 
ومع مرور الوقت وبمثابرة وجد تمكن حجاج من اتقان كل ما هو جديد في عالم التقنيات والبرامج لاستخدامها في الرسم من خلال الكمبيوتر، وقد صارت أكثر تعقيدا واقترابا من حاجات الرسامين وتعدد أسلوبياتهم وتقنياتهم الفنية.
  
وبحسب حجاج، وفي تلك الفترة، ظهرت شخصية (أبو محجوب) الساخرة (الرجل العسكري المتقاعد)، التي استقاها من شخصية والده رحمه الله والذي بقي سنوات طويلة لا يعرف أنها تمثله بالطباع والصفات بالرغم من حبه لها.
 
 
وقال حجاج :" كنت خائفا من عدم نجاحها ومتخوفا أكثر من تقييد نفسي بشخصية تتطلب أفكارا بشكل مستمر وتطويرا وتحديا كبيرا في النشر، ولكن نجاح  الشخصية منقطع النظير شجعني على الاستمرار بها، مشيرا إلى أنه إلى جانب (أبو محجوب) ظهرت شخصيات أخرى مثل صديقه (أبومحمد) وزوجته (أم محجوب)، وقد صارت الرسومات الساخرة اليومية تظهر بشكل ملون.
 
 
وأكد حجاج سعيه الدائم في تطوير مهنته كرسام ساخر، من خلال اقتناء كل ما هو جديد وحديث في عالم الرسم الالكتروني والرقمي من برامج وإصدارات حديثة، مؤكدا مسؤوليته تجاه أقرانه من الرسامين المبتدئين، وتشجيعهم ونصحهم بأفضل طرق الرسم الساخر معتبرها جزءا من مهمته كفنان ساخر.
 
 
وقال إن الكاريكاتير لغة حوار راقية بين الحضارات،  والحياة بدونه تصبح مملة، فهو يوظف السخرية كأداة إنسانية للتفاعل البناء، ويحفز على التأمل في الواقع كخطوة أولى نحو تغييره، هو فن ذو رسالة سامية تكمن في رسم الابتسامة على الشفاه، وهو ليس مادة لخطاب الكراهية والحض على العنف ولا ينبغي أن يكون، ولا ينبغي أن يكون أداة لبث الفتنة الطائفية واستهداف المقدسات بهدف الإساءة والتحقير، وبذات الوقت لا ينبغي أن يقيد هذا الفن بقوانين تحد من حرية الإبداع وتضيق هامش الابتكار في الكاريكاتير، إن كثرة المحرمات والخطوط الحمراء والقوانين المقيدة لحريات التعبير كلها تؤثر كثيرا وبشكل سلبي على فن الكاريكاتير .
 
 
وشدد حجاج على أن الرقابة تشكل عائقا أمام هذا الفن، سواء الرقابة التقليدية أو الحكومية أو الأنواع الجديدة من الرقابة كالرقابة المجتمعية على منصات التواصل الاجتماعي، والتي تضيق الأفق أمام الرسامين وتجعلهم غير جريئين في النقد ويمشون في حقل من الألغام .
 
 
وفيما يتعلق بفن الرسوم المتحركة قال حجاج إنه فن متصل بشكل كبير بالكاريكاتير، وقد كان من رواد إنتاج رسومات متحركة بمحتوى محلي باستخدام شخصية (أبومحجوب) ، حيث أنتج  أكثر من مسلسل رسومات متحركة عن (أبومحجوب)، وكانت متباينة في المستوى بين إنتاج وآخر، ولكنه سيظل مشروعا مستمرا بالنسبة له حتى يصل إلى المستوى الذي يريده.
 
 
وعبر حجاج عن سعادته بأنه عضو في رابطة لرسامي الكاريكاتير والرسوم المتحركة في الأردن تهدف إلى جمع الفنانين تحت سقف واحد ليتبادلوا الخبرات ويكونوا العلاقات والصداقات من أجل ازدهار المهنة وممتنهنيها  ويتواصلوا مع نظرائهم من الفنانين العرب والأجانب .
 
 
وأكد حجاج في معرض إجابته لعدد من التساؤلات التي طرحها الحضور حول مصادر إلهامه، تأثره الشديد بالفنان ناجي العلي، حيث تأثر به منذ البدايات مستعرضا في ذات الوقت أسماء عدد من فناني الكاريكاتير العرب والأجانب ممن تميزوا بفنهم، وتأثر بهم إلا أنه استطاع في النهاية أن يشكل هويته الفنية الخاصة به ويضفي بصماته المنفردة من خلال ابتكار شخصية (أبو محجوب).
 
 
وتناول حجاج أيضا الحديث عن مساهمة كل من الموهبة والدراسة في تشكيل شخصية الفنان، مؤكدا أن كل إنسان قابل للإبداع وحتما لديه موهبة قد تكون دفينة وتحتاج إلى التحفيز لتظهر، خصوصا عند الأطفال، الذين يجب أن يأخذوا حقهم في تعلم أسس ومبادىء الفن لتكشف عن مواهبهم بطرق أكثر مهنية في المدارس.
 
 
بدوره وخلال إدارته للمحاضرة، قال رئيس منتدى الجامعة الأردنية الثقافي صاحب المبادرة في استضافة حجاج، الدكتور صلاح جرار، إن هذه الندوة تأتي باكورة نشاطات وفعاليات المنتدى الذي تحرص إدارة الجامعة الأردنية على إنجاحه كمشروع ثقافي يرصد الثقافة وينشرها ويرفع من مستوى الوعي لدى الطلبة، معربا عن تطلعاته في أن يقوم المنتدى برسالته على أكمل وجه في النهوض بالمستوى الثقافي بالجامعة والاستفادة من مخزون الإمكانيات المتوفر لديها من أساتذة وطلبة وبنى تحتية ومكتبات وغير ذلك.
 
 
وكان لرئيس الجامعة الأردنية الدكتور عبد الكريم القضاة وخلال حضوره المحاضرة مداخلة، أعرب فيها عن سعادته باستضافة حجاج في الجامعة الأردنية للحديث عن تجربته الثرية في عالم فن الكاريكاتير داعيا إياه ألا يبخل على وطنه بعلمه وفنه، وأن يوظفه في خدمته والارتقاء به، ومؤكدا أن استثمار أي أمة والارتقاء بها هو استثمار بحاضرها ومستقبلها.
 
 
وفي نهاية اللقاء قدم الدكتور القضاة درع الجامعة للفنان حجاج تقديرا له على جهوده في الساحة الثقافية والفنية وخدمة الوطن.
 
 
 


 
 
2019/08/01