Zenko Magazine
"الأردنيّة" تنشر وقائع مؤتمر "القضية الفلسطينية – إلى أين؟"

أخبار الأردنية (أ ج أ) نذير ملكاوي – أصدرت الجامعة الأردنيّة، بالتّعاون مع دار يافا العلميّة للنّشر والتّوزيع كتاب "وقائع مؤتمر: القضيّة الفلسطينيّة إلى أين؟". يأتي هذا الكتاب ثمرة مؤتمر "القضية الفلسطينيّة – إلى أين؟" الذي عُقد في رحاب الجامعة الأردنيّة في أيّار عام 2018 تحت رعاية سموّ الأمير الحسن بن طلال حفظه الله.

جاء الكتاب، الذي قدّم له رئيس الجامعة الأردنيّة الدّكتور عبد الكريم القضاة، بواقع 464 صفحة من القطع الكبير، وانقسمإلى ثلاثة أقسام. تضمّن الأوّل الكلمات الافتتاحية، حسب التّرتيب التّالي: كلمة راعي المؤتمر؛ سموّ الأمير الحسن بن طلال. كلمة رئيس الجامعة السّابق الدّكتورعزمي محافظة. كلمة رئيس اللجنة التّحضيريّة الدّكتور أحمد مجدوبة.


تضمّن القسم الثّاني المقالات والأوراق غير المُحكّمة، التي بلغ عددها 16 مقالًا وورقةً بحثيّة. أمّا القسم الثالث والأخير، فقد خُصّص للأبحاث المُحكّمة، التي بلغت 9 أبحاثٍ. مع الإشارة إلى أنّ الكتاب لم يتضمّن كافّة المقالات العلميّة التي عُرضت في المؤتمر، إذ وصلت الأبحاث، حسب كلمة رئيس اللجنة التحضيريّة إلى 66 بحثًا.


يأتي نشر الكتاب في هذا التّوقيت مُتّسقًا مع موقف الجامعة الأردنيّة منذ بداية تأسيسها من القضيّة الفلسطينيّة، الموقف الذي يُعد امتدادًا لمواقف الهاشميّينالتي استمرّت لما يقرب من قرنٍ من الزّمنمنذ إعمارالشّريف الحسين المسجد الأقصى أوّل مرّة.


ويتّضح هذا الأمر، في الكلمة التي ألقاها الحسن بن طلال، حيث بدأ بشكر الجامعة الأردنيّة على إتاحة المجال لمؤتمرٍ يختصّ القدس موضوعًا للدّراسة، الموضوع الذي يستحق الدّراسة لا لخصوصيّة جغرافيّة أو تاريخيّة فحسب، بل لما تمثّله هذه الدّراسة من أثرٍ إنسانيّ يتحدّث "عن ضمير عالمي يحتاج إلى إحياء وإنعاش".


لا يُعدّ هذا الأثر الإنسانيٍّ محض لغة، أو حتّى أوراق تُعدُّ لتقرأ أو تُنشر في مؤتمرٍ جرت وقائعه وانتهت. وهذا ما تشير إليه الوصاية الهاشميّة على المقدّسات الإسلاميّة في القدس، مُتجلّيةً بمراحل عدّة، شكّل إعمار قبّة الصّخرة أولى تلك المراحل. حيث تبرّع الشّريف الحسين بن علي ب50 ألف ليرة ذهبيّة، لإعمار المسجد الأقصى تحديدًا ومساجد أخرى في فلسطين، وذلك استجابة لطلبِ وفدٍ قاده الحاج أمين الحسيني للحجاز عام 1924، وقد أتت تلك الاستجابة أُكُلهابالإعمار الذي أُنجز عام 1927.

توالت تلك العناية، وأُعيد إعمار وترميم المُقدّسات الإسلاميّة 4 مرّات حتّى اللحظة، حيث شهد عهد الملك الحسين منها إعمارين أنجز أوّلهما عام 1964 وثانيهما عام 1992. وأُتمّ الرّابع في عهد الملك عبد الله الثاني، إذ تُوّجت ذلك الاهتمام بإنشاء الصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة الشريفة بموجب قانون صدر عام 2007.
وهنا تكمنُ أهمّيّة الكتاب، الذي يؤكّد من ناحية الدّور الوطني الذي تضطلعُ به الجامعة الأردنيّة في الوقوف خلف القيادة الهاشميّة باعتبارها الوصيّة الشّرعيّة على المقدّسات في القدس، ومن ناحية أخرى الدّور العلميّ باستضافتها ثُلّة من نخبة الأكاديميّين من الأردن والإقليم والعالم، لحديث لا ينطلق من الأكاديميا والكُتب المعرفيّةإلّا ليصبّ في خدمة الواقع، أو "الضمير العالمي الإنسانيّ" كما أسماه الحسن بن طلال.


في كلمته، أكّد الحسن بن طلال كذلك، على أهمّيّة التنوع والتعدد في السّياسة، لأنّهما غاية نبيلة لا يجب أن تكونا بأيّ حالٍ سببًا للتفرقة.، بل أساسًا لنشوء رابطة شعبيّة متكاملة ومتجانسة. كما أبدى عديدًا من التساؤلات التي تخُصّ حاضرنا، كما تخصّ المستقبل، قائلًا "ماذا نحن فاعلون في "المشرق" الذي يجمع ما بين الشرق والغرب؟ هل نسير نحو مزيد من التشظّي والنزاعات المستمرة؟ أم نسعى من أجل إحياء "نهضتنا الجديدة"؟"، وفي ختام كلمته، عاد ليشدّد على دور الجامعة الأردنيّة التي سعت، بإقامتها للمؤتمر نحو تلك النهضة الجديدة.


بدوره، عبّر القضاة عن سروره بنشر الجامعة الأردنيّة لوقائع مؤتمر "القضية الفلسطينية – إلى أين" بين دفّتي هذا الكتاب. حيث إنّ هذا الإصدار يُعدّ فرصة تغتنمها الجامعة لإبراز الدور الأردني في دعم الأشقاء الفلسطينيّين، والتأكيد على الوصاية الهاشمية على المقدّسات إسلاميّة كانت أم مسيحيّة داخل القدس، والتذكير بتكاتف الأردنيّين قاطبة خلف جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين في بحثه الدؤوب عن حلٍّ عادلٍ وسلامٍ دائم يرتضيه الجميع، كما عبّر عن أمله في أن تساهم هذه الوقائع في إنارة طريق الباحثين والدّارسين، وتحفيزهم على تقديم مزيدٍ من الأطروحات والبحوث البنّاءة.


وفي سياقٍ مُتّصل، شدّد محافظة على التزام الأردنيّة بمسؤوليّتها التّاريخيّة ودورها الوطنيّ وحرصها على إثارة الأسئلة حول الماضي والرّاهن والمستقبل. كما أشار إلى أنّ الجامعة، منذ بداية تأسيسها، ظلّت مخلصةً لرسالة محورها تميكن الإنسان، وصناعة المستقبل وتنمية الوعي، كما كانت على الدّوام ملتصقة بهموم العروبة وعلى رأسها القضيّة الفلسطينيّة، وهذا ما يشير إليه وقوفها الدّائم علميًّا ومعرفيًّا وأكاديميًّا إلى جانب الإخوة الفلسطينيّين، كي تبقى القدس عاصمة الأمة في الثقافة والأدب والفكر والتاريخ.


وعبّر مجدوبة، في كلمته، عن حجم الأمل الذي يعتريه للإسهامات المُقدّمة سواء في المؤتمر، أم في الأوراق التي مَثَّلت متنَ هذا الكتاب. كما أبدى تطلّعه ليخرج من هذا المؤتمر/الكتاب أفكارًا تصنع صدى وأثرًا يزيد من مساحة الصورة المشرقة، فدور الجامعة لا يتمثّل في إعطاء صوت ل"من يريد أن يلعن الظلام، فالظلام والعتمة محيطان بنا من كلّ جانب"، بل إنّ الدّورَ يكمن في البحث عن الحلول، الحلول التي تبلورت في هذه الأوراق، بعد إتاحتها بحلّة بهيّة في هذا الكتاب المطبوع.


تجدر الإشارة إلى تنوّع الموضوعات التي ناقشتها الأوراق، والتياضطلع بها ثلّة من ألمع الباحثين، نذكر منها على وجه العموم لا التّخصيص: ورقة الدكتور جوزيف مسعد المُعنونة ب"مستقبل النّكبة" التيأعاد من خلالها تعريف النّكبة، والتأكيد على أنّها لم تكن حدثًا وقع في الماضي وانتهى، وورقة الدكتور مهنّد مبيضين المُعنونة ب"النكبة في الخطاب التاريخي المعاصر"، التي عمد فيها إلى استدعاء النّكبة مجدّدًا وتفكيك المفهوم حسب وروده في الأبحاث المُعاصرة.


وفي السّياق ذاته، ضمّ الكتاب ورقة الدّكتور بسّام العموش المُعنونة ب"القضيّة الفلسطينيّة وخيارات المستقبل: الحرب السلام الاستنزاف" التي استحضر فيها الخيارات الفلسطينيّة القائمة في مواجهة الاحتلال. 


ومن النّكبة إلى مناقشة الآثار والتّحدّيات الاقتصاديّة التي تواجه القضيّة الفلسطينيّة في ورقتي الدكتورة عبلة أبو عبلة والدكتور أنيس قاسم المعنونتين، على التّوالي، ب"الدور الخفي للاقتصاد في المسار السياسي للقضية الوطنية الفلسطينيّة" و"التحديات القانونيّة بين النظرية والتطبيق: القضية الفلسطينية نموذجًا".


كما لم يغفل الكتاب عن مناقشة تاريخيّة للقدس، إذ ضمّ عددًا من الأوراق البحثيّة، نذكر منها ورقة عدنان أبو عودة المُعنونة ب"القدس والمنهج التاريخي للصهيونية صوب الأمر الواقع"، وورقة الدّكتور علي محافظة "قضيّة فلسطين في الكتابة التاريخية العربية".

2020/07/15