Zenko Magazine
بانوراما "الأردنية" ٢٠٢١
 

أخبار الجامعة الأردنية (أ ج أ) نذير ملكاوي – أشرف العام على نهايته، ومع كُلّ نهاية يحقُّ علينا الالتفات إلى الخلف، لا رغبة في العودة إلى الماضي، بل رغبةً في حمل إنجازاته نيشانًا على الصّدر إذ تمضي الجامعة الأردنيّة إلى الأمام، وتتطلّع إلى مستقبلٍ مليء بالإنجازات، مستقبلٍ يليق باسمها واسم كلّ من يمثّلها. 


إذا كان لنا أن نُلخّص عام "الأردنيّة" بكلمة واحدة، فحتمًا سنقول إنّه كان عام البحث؛ إذ على مدار العام، أعلى باحثو الجامعة اسم المعرفة، علمًا تجلّى كما في السّلام الملكيّ الأردنيّ "خافقاتٍ في المعالي أعلامه". فمنذ فاتحة السنة، شهر كانون الثّاني، بإمكاننا أن نلحظ معلمين بارزين: الأوّل؛ قيام "الأردنيّة" بغرس 200 شجرة في رحابها الواسعة، والثّاني كان تتمّة للأوّل، فمن يغرس بذرة طيّبة، حتمًا سيلقى ثمرة أطيب، إذ احتفت "الأردنيّة" بتخريج الطلبة المشاركين في الدورة التدريبية المتخصصة في كتابة الأبحاث والنشر الالكتروني في المجلات العالمية. 


قيلَ إنّ الأثر يدلُّ على المسير، فإذا كان الأثر جليًّا إلى ذاك الحدّ فكيف إذًا بالمسير؟ ففي شهر شباط تعزّزت انطلاقة الجامعة بدفعة عظيمة تكلّلت بالأحداث التّالية، ففي مفتتح الشهر احتفت "الأردنيّة" بالطلبة الفائزين في برنامج زمالات القادة في الابتكار، وحصدت طالبات من الجامعة على الجائزة الذهبية في المسابقة الدولية للمشاريع الهندسيّة، وكُرّم الباحثون المتميّزون من كلية الصيدلة الذين صنفوا ضمن أفضل 2% من الباحثين في العالم حسب تصنيف جامعة ستانفورد الأمريكية، وحصدت أستاذة علم الكيمياء في الجامعة الأردنية الدكتورة عبير فايز البواب على جائزة «إيباك» للمرأة المتميزة، ولم يُختتم الشّهر إلّا بإعلان اسم الجامعة الأولى محلّيًّا وضمن أفضل 8% على مستوى العالم حسب تصنيف البيوميتريكس، والأولى محليًّا والثانية عشرة عربيًّا حسب التصنيف الأسترالي UniRank. 


بداية شهر آذار كانت تتمّة لما واظبت "الأردنيّة" من إنجازات، فقد انطلق بتحقيق الجامعة ترتيبًا عالميا متقدّمًا في ثلاثة مجالات علمية، حسب تصنيف الجامعات العالمي الدقيق (QS Subject). وحرصًا من الجامعة على لعبِ دورها الفاعل في العناية بالوطن وصحّة المواطنين، فقد افتتحت "الأردنيّة" مركزًا للتطعيم ضدّ فيروس كورونا وأخذ باستقبال العازمين على أخذ اللقاحات، وفي هذا السياق حرصت الجامعة الاردنية على اطلاق حملة اعلامية للتوعية بأخذ اللقاحات والتوعية باجراءات السلامة العامة والتباعد وخصصت اذاعة الجامعة برنامج "الأردنية ضد كرونا" يطرح مواضيع متعددة تتعلق بفيروس كورونا ويستضيف اصحاب الخبرة في هذا الشأن. ولم ينتهِ الشّهر إلّا بتتويجٍ آخر، تتويج هو عبء ومسؤوليّة وطنيّة في الوقت ذاته، إذ تكفّلت الجامعة بتولّي برنامج الدبلوم المهني لإعداد وتأهيل المعلمين ما قبل الخدمة الذي اضلعت به سابقًا أكاديميّة الملكة رانيا لتدريب المُعلّمين.


مع انتهاء الرّبع الأوّل من العام، جاء شهر نيسان، شهرُ البركة الذي حلّ فيه رمضان ضيفًا عزيزًا على أسوار الجامعة. في هذا الشهر، الذي حدث فيه فتحٌ طبّيٌّ قاد لمعجزة إنسانيّة تمثّلت بإجراء مستشفى الجامعة الأردنية عمليّة لجنين وهو داخل رحمِ أمّه، حصلت "الأردنيّة" من مؤسسة الداد الألمانيّة على دعمٍ لمشروع تطوير قدرات التعليم الريادي والإبداعي في الجامعات الأردنية، كما تحصّل أكاديميون من "الأردنية" على دعم أولي لبحوثهم المشتركة من مؤسّسة شومان ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. 


ولأنّ الجامعة جزءٌ من الوطن الكبير: الوطن العربيّ، فقد ظلّت حريصة على العهد، بأن تقف إلى جانب إخوتها في فلسطين، إذ أطلقت في شهر أيّار حملة كبيرة للتبرّع بالدّم تحت عنوان "دمنا واحد" ولا ننسى دور إذاعة الجامعة الأردنية ومشاركتها في بث مشترك في اليوم المفتوح الذي نظمته مجموعة الراية الإعلامية آنذاك لجمع التبرعات للأشقاء في فلسطين تحت عنوان "بردًا وسلامًا يا فلسطين" التي جاءت بالتعاون مع الهيئة الخيرية الهاشمية، وبمشاركة النقابات المهنية، وعدد من وسائل الإعلام المحلية، تعزيزًا لصمود الأشقاء الفلسطينيين، في ظل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، واعتداءات الاحتلال على الأهل في الضفة الغربية والقدس المحتلة؛ وذلك تأكيدًا على دعم ومساندة صمود الفلسطينين وحقوقهم الشرعية وحقهم الأزلي في إقامة دولة مستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف. 


وإذا كانت الانطلاقة حميدة، فالعودُ دومًا أحمدُ، إذ عاودت "الأردنيّة" في شهري حزيران وتمّوز ما قُلنا إنّه تلخيص حال الجامعة لهذا العام: البحث، التقدّم، الابتكار، وكأن لسان حالها لا ينطقُ إلّا بهذه الكلمات، فقد احتلّت الجامعة المرتبة الأولى محليًّا وواحدة أول 300 جامعة عالميا حسب تصنيف "شنغهاي" العالمي، والأولى محلياً ومن أفضل 47 % عالميا حسب تصنيف QS 2022، وحصدت تقديرَ "خمس نجوم" وفقًا لتقييم QS Stars للتعلّم الإلكتروني، والأولى محلّيًّا حسب تصنيف "التّايمز". وبعيدًا عن المراتب العالميّة، أو قريبًا منها، فقد كرّمت الجامعة الفائزين بجائزة الجامعة للإبداع الثقافي الطلابي، كما أطلق مستشفاها برنامج الزمالة الأول على مستوى المملكة في تخُّصص العناية الحثيثة. 


يمضي الزّمن بنا إلى الأمام، هذه واحدة من مسلّمات الحياة، لكنّها ليست تماما كذلك للجامعة، فالمستقبل يعني لها العمل، والاستثمار في الشّباب والمعرفة، فبعد قرار مجلس عمداء الجامعة بإنشاء معهد لعلوم المستقبل، استقبلت الجامعة نبأً عزيزًا بحصدِ واحدٍ من شبابها، شباب المستقبل الواعد، طالب الطب البشري عبد الرحمن مصاطفة الميداليّة البرونزيّة في منافسات الكاراتيه ضمن المنافسات الأولومبيّة "طوكيو 2020"، كما توّجت مجموعة من الباحثين الفائزين بجوائز "منكو" للباحث المتميّز في الأردن للعام 2020. 


إذا قامت "الأردنيّة" في الأشهر السابقة بالاحتفاء بنجاحات أعضاء هيئتها التدريسيّة وطلبتها المميّزين، فقد جاء شهر أيلول بعددٍ من الاحتفالات الخارجيّة، تقديرًا للدّور البارز الذي اضطلعت به كوادر "الأردنيّة"، فقد كرّمت صاحبة السمو الملكي الأميرة سمية بنت الحسن إذاعة الجامعة الأردنية لرعايتها الإعلامية لجائزة الملكة رانيا للريادة 11، وقد فاز مجموعة من طلبتها بالمركز الثالث في الدورة الثانية لجائزة ولي العهد لأفضل تطبيق خدمات حكومية. 


شهد الرّبعُ الأخير من العام، منذ بداية شهر تشرين الأوّل، عودة للحياة، بعد أن دبّت أوصال الطلبة في عروق الجامعة، ليعودوا للدراسة الوجاهيّة دون التخلّي عن الدّراسة عن بعد، في إنجازٍ يحسب للدولة والجامعة بمكافحة وباء كورونا، إذ مع ابتداء العام الدراسي، وصلت نسبة الطلبة الذين تلقّوا لقاحات فيروس كورونا إلى 75%. وفي الشهر ذاته، في موازنة بين الإنجازات الصحية والاقتصاديّة، فازت "الأردنيّة" بالشّراكة مع معهد ييل الأمريكيّ بدعم مالي من السفارة الأمريكية لتنفيذ مشروع ثنائيّ لبناء القدرات الخاصّة بعلاج الإدمان.


مع اقتراب العام من نهايته، وقبل الإشراف على الحدث الأبرز، قامت "الأردنيّة" في شهر تشرين الثّاني بتخريج كوكبة من طلبة الفوج السّادس والخمسين، طلّاب يمضون على العهد مستلهمين كلّ من سبقهم ليرفعوا اسم الأردنّ عاليًا في سماء العرب والعالم. وفي الشهر ذاته، سلّم منتدى الجامعة الثقافي الجوائز على الفائزين بمسابقة شاعر الجامعات الأردنيّة، لتحصد طالبتان من الجامعة على المركز الأوّل مناصفةً. 


وفي كانون الأوّل، شهر التكريم بامتياز، شهر الأردنيّة وباحثيها، احتفلت الجامعة بالشّراكة مع أمانة عمّان بعلمائها المتميّزين الذين صُنّفوا ضمن قائمة من أفضل 2% من الباحثين في العالم حسب تصنيف جامعة ستانفورد الأمريكية، والأكثر استشهادًا ببحوثهم آخر خمس سنوات في قاعدة سكوبس، وأكثر الباحثين تأثيرًا حسب قائمة كلاريفيت.


وقد آلت الجامعة على نفسها ألّا تكرّم هذه الثّلّة من الباحثين المتميّزين إلّا في قلب العاصمة عمّان، المدينة النابضة بالحياة، المدينة التي تدخل المئويّة الثّانية من عمر الأردنّ مزهوّةً بتاريخ يضرب جذوره في تاريخٍ عمره عشرة قرونٍ من الزمان، والتي ما كان لها أن تدوم كلّ هذه المدّة لولا جهود طويلة من معرفة وخبرات هؤلاء الباحثين ومن سبقهم، الجهود التي ساهمت في بناء شوارعها وتأسيس جامعاتها.


لقد تحدّثنا طويلًا عن الأرقام والتصنيفات العالميّة، وتلك الأرقام لا يصنعها سوى الباحثون، بجهدهم ووقتهم وفكرهم الذي يبذلونه في تعبيد المستقبل، في إعادة الألق لمدينة عرفت التاريخ قبل أن نعرفه نحن. إنّ الأردنيّة بباحثيها مرادفٌ لهذه المدينة، معنى فوق معناها الأصليّ، يكتبون لأنفسهم ولها الخلود، بعد أن عرفت عراقة الماضي وأصالته. 


لم نذكر في هذه البانورما إلّا غيضًا من فيضٍ من تاريخِ عامٍ كامل، قد يبدو طويلًا إلّا أنّه سهلٌ بجهود كافّة القائمين على الجامعة. ومع مطلع العام الجديد، ستظلّ "الأردنيّة" كما في نشيدها: المنى عندها ثوبه أخضر، وستظلّ إلى الأبد شمس الغدِ وبشارته. 

2021/12/31