Zenko Magazine
في لقاء مع خريجة الفوج الأول .. رصاص: كانت تبلغ الرسوم الجامعية (12) دينار وكنا نؤمنها بصعوبة
أخبار الجامعة الأردنية ( ا ج ا) محمد مبيضين
انتظرت المقدسية ليلى رصاص ستة شهور للالتحاق بالدراسة الجامعية بعد أن أنهت دراستها الثانوية العامة من مدرسة المأمونية بالقدس الشريف في حزيران عام 1962 بمعدل (62.8 ) في الفرع الأدبي فيما كان الأول في امتحانات الثانوية العامة على مدارس الضفتين (83%) .
وبسبب الظروف الصعبة في المنطقة آنذاك، وكونها فتاة لم تستطع الذهاب إلى أية دولة لإكمال دراستها الجامعية، تحقق حلم الشابة رصاص بالدراسة الجامعية بإعلان الإرادة الملكية السامية في أيلول من العام 1962 عندما أعلن جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال للأردنيين بشرى إنشاء الجامعة الأردنية أول أبواب الخير في التعليم العالي في البلاد .
حضرت الطالبة ليلى مع والديها في كانون الأول لمكتب رئيس الجامعة الدكتور ناصر الدين الأسد آنذاك الذي وافق سريعا على قبولها طالبة في كلية الآداب وقدمت أوراقها الثبوتية ودفعت الرسوم المقررة وقيمتها (12) دينارا بعد أن تمكنت عائلتها من تدبير المبلغ بصعوبة لتصبح احدى طالبات الفوج الاول في الجامعة الاردنية .
وبدأت العائلة في البحث عن سكن ملائم لابنتهم في عمان، واستطاعت أن تحل هذه المعضلة بعد أن تم الاتفاق مع أحد أقاربها بالإقامة معهم في بيت يقع في جبل اللوبيدة، وكانت تزور أهلها في عطلة نهاية الأسبوع أي يوم الجمعة في القدس الشريف بواسطة احد الباصات العاملة على خط القدس عمان وبالعكس وبأجرة تقدر بـ (16) قرشا وتستمر الرحلة بين المدينتين ساعتين وأكثر أحيانا .
لم تجد ليلى أية معاناة في التنقل بين الجامعة الواقعة في قرية الجبيهة وبين وسط مدينة عمان، إذ كانت تستقل باصا ينطلق يوميا من شارع السلط خصص لطلبة الجامعة بأجرة مدعومة قيمتها ( قرش ونصف ) للرحلة الواحدة .
يوم 15/12/1962 كان يوما تاريخيا ومفصلا مهما في حياة الطالبة رصاص، فقد كان أول يوم دوام في الجامعة التي استقبلت (167 ) طالبا وطالبة للدراسة في كلية واحدة هي كلية الآداب .
وانتظم جميع الطلبة الجدد في قاعة كبيرة واحدة مكانها الحالي ( متحف الآثار ) الذي يقع حاليا في قلب الحرم الجامعي، وكانت المواد الدراسية لطلبة السنة الأولى تشمل محاضرات في اللغتين العربية والإنجليزية والتاريخ والجغرافيا وعلم النفس والإرشاد التربوي .
ويبدأ الدوام الدراسي يوميا الساعة الثامنة صباحا ويستمر حتى الساعة الثانية ظهرا، يتخلله بعض النشاطات الرياضية، حيث كانت تقام مباريات رياضية فقط في كرة الطائرة وكرة اليد بمشاركة فرق من الجنسين .
تقول ليلى : "اليوم الأول بالنسبة لنا نحن الطالبات كان يوما رهيبا بسبب وجود شباب يدرسون معنا، كنا 17 طالبة نجلس في المقاعد الأمامية لا حديث ولا كلام مع الطلاب، واستمر هذا الوضع لعدة شهور إلى أن أقامت الجامعة حفل تعارف (وانفرجت الأسارير) وبدأت العلاقة تأخذ شكلها الطبيعي مع وجود كامل للضبط والرقابة الجامعية".
وتضيف:" كنا نلقى اهتماما من جميع المسؤولين من أعلى المستويات كان جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال يزورنا بين الحين والآخر وكانت الزيارات الملكية فجائية للاطمئنان علينا إلى جانب اللقاءات المستمرة التي يعقدها الدكتور الأسد مع الطلبة ويشجعنا دوما على ارتياد المكتبة وهو يحرص على إثرائها وتزويدها بالمؤلفات والسير والكتب وغيرها من المواد المكتبية".
و"أما علاقتنا مع العاملين في الجامعة فكانت طيبة للغاية وأذكر منهم الأستاذ حسن النابلسي مسؤول المالية والمرحوم محمود الأخرس مدير المكتبة ولوريس القدسي سكرتيرة رئيس الجامعة.
وتتذكر عددا من المدرسين منهم الأساتذة عبد الرحمن ياغي وعبد الكريم خليفة وعبد الكريم غرايبة والبرت بطرس وهاشم ياغي ومحمود السمرة والمرحوم الدكتور فاخر عاقل الذي كان يحضر أسبوعيا من سوريا "ومس كوتس" وهي مدرسة بريطانية كانت تدرسنا اللغة الإنجليزية.
وتضيف رصاص:" ومن أبرز الطلبة الذين أتذكرهم زليخة أبو ريشة والدكتور محمود حسني والدكتور عثمان البرغوثي وفواز طيفور وإبراهيم الأطرش ومحي الدين توق ونايف مولا والمرحوم الدكتور بسام هارون وأسماء بهاء الدين ونائلة العمري والمرحومة الدكتورة عائدة دهمش" .
وتشير رصاص إلى أنها تحتفظ لغاية الآن بوثائق مهمة عن الجامعة خصوصا العددين الأول والثاني من المجلة الثقافية التي أصدرتها كلية الآداب وتحقيقا صحفيا نشر عن الجامعة في المجلة العسكرية وصور لنشاطات الطلبة.
وتتذكر أنها سافرت ضمن وفد طلابي إلى الجمهورية العربية المتحدة – جمهورية مصر العربية واطلع الوفد على مواقع أثرية في مدن مصرية وأماكن حضارية في القاهرة .
وشاركت مع الوفد أثناء زيارته لمصر في استقبال جلالة الملك المغفور له الملك الحسين في مطار القاهرة الدولي كما كان في الاستقبال الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.
وتقول رصاص:" إن الدراسة بالرغم من التحديات سارت على الوجه الأكمل"، وكان ظهر يوم 29/6/1966 موعدا مع حفل التخرج الذي أقيم في مدرج سمير الرفاعي برعاية الراحل العظيم الحسين بن طلال وحضور كبار رجال الدولة وتم توزيع رقاع الدولة بواقع بطاقتين لكل خريج بحيث يسمح للوالدين فقط لحضور حفل التخرج الذي تميز بدخول منظم للخريجين وأعضاء هيئة التدريس وهم يرتدون جميعا أرواب التخرج تملؤهم السعادة والفرح والسرور بهذه المناسبة ومن محاسن الصدف أن ولديها تخرجا في الجامعة الأردنية بتاريخ 29/6/2008 أي بعد أربعين عاما على تخرجها .
وبعد تخرجها تم تعيينها في مدرسة السلط الثانوية للبنات، لكنها لم تستمر طويلا بسبب اشتياقها لعائلتها التي تقيم في القدس الشريف، وعادت إلى مسقط رأسها لتعمل بوظيفة معلمة واستمرت في العمل في هذه المهنة 36 عاما تخللها العمل حوالي 14 عاما في حقل التعليم في ليبيا .
وتتذكر رصاص أول راتب تقاضته كان )32( دينارا وهي الآن متقاعدة وتقيم في عمان التي احبتها ونهلت من الجامعة الأردنية العلم والمعرفة بيد انها تشعر بالندم لعدم إكمال دراستها الجامعية العليا.
 
2012/10/01