Zenko Magazine
السيد يتلمس في «الأردنية» مفاصل أزمة الإسلام السني

محمد جميل خضر - الأزمة المفصلية الكبرى التي يعاني منها الإسلام السني، شكّلت محوراً لعناوين المحاضرة التي ألقاها مؤخراً الباحث اللبناني المتخصص بالجماعات الإسلامية د. رضوان السيد.

 

السيد تلمس في محاضرته بمركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، مفاصل تلك الأزمة مستحضراً سياقاتها التاريخية والجيو استراتيجية وشجونها السياسية ومتاهاتها بين البرهان والعرفان، وكذا تقلبها بين الولاء والبراء.

 

المحاضرة التي ألقاها السيد تحت عنوان «الإسلام السني بين الأصولية الدينية والنفوذ الإيراني»، تحركت أساساً بين محوريّ أزمة الإسلام السني، وهي الأزمة التي وصلت عند السيد لأن يقول: إن الإسلام السني المعاصر (مريض). أما المحور الثاني في المحاضرة فهو قراءة صاحبها للتمدد الإيراني ما بعد ثورة الخميني، وهو تمدد يأخذ، بحسب السيد، أشكالاً سياسية وجغرافية عديدة، وحتى وفكرية تحت شعار «تصدير الثورة الإسلامية».

 

التحولات الجذرية في مقولات السلفية السنية، وكذا في أدبيات جماعة الإخوان المسلمين، تستوقف المؤرخ اللبناني محاولاً تشخيص أسباب هذا التحول. فهو يورد بحسب ما انتهى إليه علمه ودراساته ومراجعاته أن لا السلفية ولا جماعة الإخوان كان في واردهما (تاريخياً) تبني فكرة تقويض نظام الحكم في أي بلد عربي أو إسلامي، وصولاً إلى (عقدنة) الإسلام عبر اكتمال تطبيق الشريعة. فما الذي جرى؟ في سياق إجابته عن هذا السؤال يستعرض السيد عديد الأسباب والحقائق التي لا تبتعد كثيراً عن التحولات العاصفة التي شهدها القرن المنصرم؛ فمن جهة أسهم تعري النظام العربي أمام حقيقة وهنه وفقدانه المشروعية القيادية بعد نكبة العام 1948 ونكسة العام 1967، وهي النكسة التي كانت كفيلة، لولا استحقاقات الحرب الباردة وشروطها، إلى تقويض أنظمة الحكم العربية، ولكن فواتير الولاءات المطلوب دفعها إما لأمريكا أو للاتحاد السوفيتي حافظت على وجود ورقيّ هش لتلك الأنظمة. ومن جهة أخرى أحدث كتابا محمد عبد السلام فرج «الفريضة الغائبة»، ويوسف القرضاوي «حتمية الحلّ الإسلامي»، إرباكاً وبلبلة داخل صفوف الجميع: السلفية السنية وجماعة الإخوان وحتى الجهادية. هؤلاء جميعهم وجدوا، كما يبيّن الباحث، في فسحة أفغانستان التي قضوا فيها وتراً طويلاً من اللقاءات والنقاشات ومحاربة (الإلحاد) الشيوعي، فرصة للتغير الجذري نحو إمكانية رفع السيف، هناك حيث وجد الفكر التكفيريّ، بحسب السيد، بيئته الخصبة وضالته المنشودة.

 

الصراع السنيّ الشيعيّ هو، كما يرى السيد، ليس صراعاً دينياً مذهبياً بالمعنى الحرفي للكلمة بقدر ما صراع جيو- استراتيجيّ. وهو، من جهة أخرى، صراع تاهت فيه بوصلة الإسلام السنيّ ما بعد أدبيات أبو حسن الأشعري وأبو الأعلى المودودي وما بعد الوعي الحنبلي المعروف عنه الدعوة إلى طاعة الإمام، لتحل محلها وجهات فرض سطوتها وأسباب القلق منها حتى داخل نظام الحكم في الجزيرة العربية المعروف بسلفيته وعلاقته التاريخية الممكنة مع (سلفيات) السعودية وباقي دول الخليج.

 

المفارقة التي يتوقف عندها السيد مليّاً هي تلك المرتبطة بمدى تأثير الصراع المذهبيّ- الطائفيّ القائم على السلم الأهلي في العالم العربي الذي أصبح مرتبطاً بتعريف الهوية والذات بالنفي «أنا لست شيعياً، أو سنياً، أو مسيحياً»، حتى لا تدخل المجتمعات في حروب أهلية!.

 


نقلاً عن صحيفة "الرأي": بتاريخ 20/4/2015

 
 
 
2015/04/20