Zenko Magazine
محافظة: تطبيق القانون يحقق العدالة ويضمن تكافؤ الفرص
 

 

بعد عامه الأول في رئاسة "الأردنية"

محافظة: استمرار الجامعة بأداء رسالتها التعليمية والتنويرية المعهودة

تطبيق القانون يحقق العدالة ويضمن تكافؤ الفرص

"الأردنية" محج العلماء والدارسين وقبلة الطلبة والباحثين

 

 الدكتورة هيا الحوراني

يتميز رئيس الجامعة الأردنية الحالي بأنه تدرج في السلم الإداري دون قفزات كبيرة؛ فبعد أن بدأ أستاذا في كلية الطب - وهو عمله الرئيسي الذي سيعود إليه حتما- استلم رئاسة قسم علم الأمراض والأحياء الدقيقة والطب الشرعي في كلية الطب ثم نائبا لعميد الكلية، ثم عميدا للكلية، انتقل بعدها ليكون نائب رئيس الجامعة لشؤون الكليات العلمية، وهو اليوم رئيس الجامعة الأردنية.

 

وهو بهذا عليم بشؤون الإدارة وتفاصيلها الدقيقة، بل إنه عليم بتفاصيل الجامعة الأردنية التي يقف اليوم على ناصيتها تملؤه العزيمة، ويدفعه الإخلاص وصدق الانتماء لمواصلة مسيرة العلم والعمل في الجامعة الأم، بخطط طموحة واستراتيجية شاملة، يسعى من خلالها إلى إعادة الألق للـ "الأردنية"، ويحاول تعزيز مركز الجامعة العلمي والأكاديمي والمعرفي الذي طالما كان مقصدا لطالبي العلم، والباحثين في مختلف العلوم الإنسانية والتطبيقية أردنيا وعربيا وإقليميا وعالميا.

 

وبرغم التحديات المتعددة التي تواجهها الجامعة على صعد مختلفة، إلا أن النية الحقيقية المرتبطة بالعمل الجاد والمتواصل من كافة الأطراف في هذه المؤسسة الوطنية التعليمية يسهم إلى حد بعيد في مواجهة هذه التحديات وتجاوزها، بما يضمن استمرار الجامعة في أداء رسالتها الأكاديمية والتنويرية التي وجدت من أجلها أساسا.

 

 

بعد عام من تولي محافظة رئاسة الجامعة فإن أي محاولة لتقييم هذه المدة تستوجب تحديد ما يجب تقييمه؛ وفي هذه الفترة الزمنية المحددة يمكن الحديث عن محاور رئيسية أربعة قامت عليها رؤية إدارة الجامعة الجديدة؛ أولها تطوير العملية التعليمية القائمة على مراجعة الخطط الدراسية وتعديلها، وإعادة النظر في متطلبات الجامعة التي باتت الحاجة ملحة لتغييرها بما يواكب تطورات العصر.

 

وفي هذا الحديث يستشرف الدكتور عزمي محافظة الدور الحقيقي للشباب؛ فالمستقبل المشرق الماجد كما يرى يرتبط بالشباب ويمتزج بحب الأوطان عند هؤلاء المسلحين بالعلوم والمعارف والمهارات التي تؤهلهم للعمل والإنتاج وتسلم دفة الإدارة وقيادتها بحرفية وإتقان، وتنفيذا لهذه الرؤى في تمكين الطلبة فقد أقرت الجامعة حزمة متطلبات الجامعة ونظام التعليم المدمج.

وتسعى حزمة المتطلبات الإجبارية والاختيارية إلى إكساب الطلبة المهارات الأساسية التي تمكنهم من التعلم الفاعل أثناء دراستهم في الجامعة وما بعدها، ومنها مهارات التعلم الذاتي والتعلم الصفي، والمهارات الدراسية والبحثية، ومهارات التعرف إلى مصادر المعلومات الموثوقة واستخدامها بفاعلية، وتمكينهم من إتقان مهارات الفهم العميق ومهارات التحليل والتفكير الناقد، إضافة إلى ما يلزم من المهارات العقلية العليا.

 

وعلى صعيد آخر فإن مثل هذه المواد تنمي ثقافة الطلبة في عدد من المجالات الحيوية، المرتبطة بالدين والتاريخ والعلم والفلسفة والسياسة والاقتصاد والحقوق وغيرها من المجالات، وتسهم في التعمق في دراسة عدد من قضايا العصر وتحدياته، البيئية والصحية والعلمية والتكنولوجية، وتكوين مواقف واعية ومسؤولة منها، وتصقل شخصيات الطلبة بما يمنحهم الثقة المبنية على المعرفة الدقيقة والاعتداد بالنفس من ناحية، وتفهم آراء الآخرين وقناعاتهم وثقافاتهم واحترامها من ناحية أخرى.

 

ويضيف محافظة أنه من المرجو أن تحدث الحزمة المعدلة نقلة في تمكين الطلبة من التعلم الفاعل، كونها تسد العديد من الثغرات، لأن سابقاتها افتقرت إلى ما يمكّن الطلبة من التعلم ذاتيا، ومن امتلاك أدوات التحليل والنقد والتذوق والتواصل الفاعل، ومن بعض المعارف المهمة على الصعيد الوطني والعربي الإسلامي والإنساني، ماضيا وحاضرا.

 

 

ومن أهم المواد التي تطرحها حزمة المتطلبات المعدلة مادة أساسيات الحياة الجامعية وأخلاقياتها؛ وتكمن أهميتها في أبعاد عدة أهمها تفعيل الدور التربوي والتنويري لعضو هيئة التدريس؛ إذ يقع على كاهله -وهو القدوة والمؤثر الفاعل في الطلبة- الانتباه إلى سلوك طلبته وتدريبهم على انتهاج أسلوب وسلوك جامعي بامتياز، من خلال تعزيز أهمية احترام البيئة الجامعية على كافة المستويات، وكذلك ترسيخ مفهوم المسؤولية المجتمعية لدى الطلبة عن طريق زيارة بعض مؤسسات المجتمع المدني، والتركيز على أداء النشاطات، فالمادة تركز على الجانب التطبيقي أكثر من الجانب النظري، وتسعى إلى إشراك الطالب في أدبيات الجامعة وإطلاعه على الخطط الاستراتيجية التي تنوي الجامعة تنفيذها.

 

ويشير محافظة هنا إلى ظاهرة العنف الجامعي التي باتت من التحديات البارزة التي تعانيها الجامعات مجتمعة، وقال إنه من الممكن الحد من تنامي ظاهرة العنف الاجتماعي من خلال اتباع استراتيجيات محددة تقوم على إلغاء جميع أشكال التمييز في الجامعات، والعمل على خلق بيئة جامعية تنويرية معرفية تركز على تنمية قدرات ومهارات وشخصية الطلبة وتفاعلهم مع الإدارات الجامعية، وتحسين البيئة الأكاديمية والتربوية في الجامعات، والسعي إلى تعزيز الدافعية والانتماء للجامعة والوطن والمحافظة على النظام، وتوطيد التواصل بين الجامعات والمجتمع والإعلام.

 

وقال محافظة إن الجامعة لن تخضع لمثل هذه الظاهرة، لإيماننا بالمعنى الحقيقي  للدور المهم الذي تقوم به المؤسسات التعليمية، وسيتم تطبيق الأنظمة والقوانين مع استمرار الجامعة بأداء رسالتها التعليمية والتنويرية المعهودة.

 

ويشيد محافظة بجهود لجنة من المختصين قامت على إعداد هذه الحزمة، وأفادت بلا شك من آراء جميع كليات الجامعة والعديد من أعضاء هيئة التدريس وعدد من الطلبة، إضافة إلى الاطلاع على عدد من تجارب الجامعات المرموقة.

 

أما محور التقييم الثاني فهو استراتيجية الجامعة الجديدة؛ وهنا يؤكد رئيس الجامعة على ضرورة وجود خطة تنفيذية واضحة المعالم ومتفق عليها للسير في طريق الإصلاح الذي نتطلع إلى تحقيقه في قطاع التعليم العالي، ولهذا شكلت لجنة استراتيجية الجامعة، تقوم رؤيتها العامة على الوصول إلى جامعة متميزة أكاديميا وبحثيا ورياديا وصولا لمستويات عالمية متقدمة. وتعزز قيم التميز والإنجاز، والتسامح والانفتاح لتنمية الخلق القويم، وتفعيل العمل الجماعي والتفاعل المجتمعي.

 

وتسعى الاستراتيجية في أداء رسالتها الأهم إلى توفير خبرة تعلُّمية متميزة للطلبة، وتبنّي بحوث منتجة للمعرفة وبناء جسور مجتمعية متينة ضمن بيئة محفزة للإبداع والابتكار والريادة، والاستغلال الأمثل للموارد، وإقامة شراكات فاعلة.

وتهدف استراتيجية الجامعة كما يطمح محافظة وفريقه الجامعة الأكاديمي والإداري العاملين بروح واحدة، إلى تحقيق معايير تضمن الحفاظ على سمعة تعليمية وأكاديمية منافسة تتحقق بهيئة أكاديمية وطلبة بمستويات عالمية، وتعلّم وتعليم معاصر وفعّال، والمضي في القيام على أبحاث علمية رصينة ومؤثرة ومنتجة للمعرفة في بيئة جامعية مستدامة، وكفاءة مؤسسية عالمية المستوى، عن طريق  الدخول في شراكات استراتيجية مع ذوي العلاقة محليا وإقليميا ودوليا، مما يؤدي إلى تنمية مجتمعية فاعلة.

 

والمحور الثالث في رؤية إدارة التطوير لدى محافظة هو التشريعات؛ إذ أعاد محافظة ومجلس العمداء النظر في العديد من التشريعات والأسس والتعليمات والعمل على تغييرها وتعديلها بما تقتضيه المصلحة العامة.

وعن سؤال عن الهدف من تعديل التشريعات أجاب محافظة أن هدف التشريع الرئيسي هو تحقيق العدالة في المعاملة، وضمان حصول جميع الأطراف على حقوقها، وهذا من شانه أن يعزز سيادة القانون ويوثق تطبيقه على أرض الواقع.

وعلى مستوى الجامعة فإن مراجعة الأسس والتعليمات وإقرارها يقصد إلى تنظيم العملية التعليمية والإدارية والمالية في الجامعة، وقد جاء تغيير بعضها لصدور أنظمة جديدة، مثل نظام هيئة التدريس، وتعليمات اتحاد الطلبة.

وقد أقرت لجنة التشريعات العديد من الأسس والتعليمات الجديدة على رأسها التعليمات الخاصة بأعضاء هيئة التدريس ومن هم في حكمهم؛ كالمحاضرين المتفرغين، أو ما يتعلق بدعوة محاضرين غير متفرغين من خارج الجامعة الأردنية.

وتم كذلك – حسب محافظة – إقرار تعليمات عقد المؤتمرات والندوات العلمية، وتعليمات العمل الإضافي لأعضاء الهيئة التدريسية في الجامعة، وتعليمات الرحلات العلمية، وتعليمات حوافز العاملين من رسوم البرنامج الموازي، وتعليمات احتساب الدرجات العلمية للموظفين الإداريين بما يضمن العدالة، وتعليمات اتحاد طلبة الجامعة الأردنية، والعمل جار على مراجعة تعليمات منح درجة البكالوريوس في الجامعة، وغيرها العديد من الأنظمة والتعليمات التي مضى على وضعها وتنفيذها ما يقارب الأربعين عاما، وأصبح من الضروري مراجعتها وتعديلها لما ظهر من مستجدات لا بد فيها من مواكبة العصر والتطورات الجديدة التي لا نستطيع معها الاستمرار في تطبيق التعليمات القديمة.

 

أما المحور الرابع والأخير فهو مدونة قواعد السلوك على مستويات ثلاثة هي مدونة السلوك الخاصة بأعضاء هيئة التدريس، ومدونة السلوك لطلبة الجامعة، ومدونة السلوك للهيئة الإدارية في الجامعة.

وعن مدونة قواعد سلوك أعضاء الهيئة التدريسية صرّح محافظة بأنها تهدف إلى إرساء معايير أخلاقية، وقواعد ومبادئ أساسية لأخلاقيات عضو هيئة التدريس في الجامعة وتعزيز الالتزام بها، وترسيخ أسس الممارسات الأخلاقية والحاكمية الرشيدة.

أما القيم والمبادئ التي تقوم عليها هذه المدونة فتجتمع في العدالة والنزاهة المهنية، والحيادية، والانتماء للجامعة، والحرص على تحقيق رسالتها وأهدافها، وتحمل المسؤولية، والالتزام بالتشريعات التي تحكم عمل عضو هيئة التدريس في الجامعة. ويوقع كل عضو هيئة تدريس على وثيقة يتعهد بموجبها بالالتزام بما ورد في هذه المدونة.

وفي إطار توثيق توقعات الجامعة من الطلبة فيما يتعلق بقواعد السلوك على المستويين الأكاديمي وغير الأكاديمي، جاءت مدونة قواعد سلوك طلبة الجامعة الأردنية لتسهم في بناء شخصية الطالب وجعله قادرا على تحمل المسؤولية في إطار من الاحترام والأمانة والمسؤولية.

ولأن الطالب كما يرى الدكتور محافظة هو الركن الرئيسي في أي مؤسسة تعليمية؛ فلا بد لنا في الجامعة الأردنية من الالتزام بالقيم النبيلة والسعي إلى تعزيزها وترسيخها لدى الطلبة، من خلال تعريفهم بقواعد السلوك المقبول، ومساعدتهم على اتخاذ قرارات تتسم بالمسؤولية. وعلى الطالب الاستفسار وإثراء معلوماته حول قوانين وأنظمة وتعليمات الجامعة من مصادرها الموثوقة مثل موقع الجامعة الإلكتروني، وموقع عمادة شؤون الطلبة، ومكاتب الإرشاد الطلابي وغيرها.

وفي مدونة قواعد سلوك الطلبة يتوجب الالتزام بمبادئ النزاهة الشخصية والأمانة العلمية، واحترام حقوق الآخرين وكرامتهم وهويتهم في الغرف الصفية والمختبرات والمكتبة، وفي أرجاء الحرم الجامعي واثناء الفعاليات التي تقيمها الجامعة داخل وخارج الحرم الجامعي.

ويختم محافظة حديثه عن مدونة سلوك الطلبة بالتأكيد على استمرار الجامعة في تشجيع حرية التعبير وتبادل الأفكار والآراء، دون السماح بأي خرق للمبادئ الأخلاقية للسلوك أو أي من أشكال العنف والمضايقات والتمييز، وانتهاك النزاهة الأكاديمية.

وتأتي مدونة قواعد السلوك الوظيفي وأخلاقيات الوظيفة لأعضاء الهيئة الإدارية مكملة ومتممة لمدونتي سلوك أعضاء هيئة التدريس والطلبة؛ فالجامعة تعتني بالموظف بوصفه عماد المنظومة الشاملة للإدارة الرشيدة، فتهتم بحقوقه وواجباته ومسؤولياته الوظيفية في سبيل إيجاد معايير أخلاقية تحكم عمله، مع التزام الجامعة بأن يكون إشغال المواقع الإدارية على أساس الجدارة والكفاية والاستحقاق والتدريب الوظيفي.

وترتكز مدونة السلوك الوظيفي على مبادئ العدالة والشفافية والمساءلة والنزاهة والمهنية والحيادية بهدف توعية الموظف وتوجيهه نحو الأخلاقيات الوظيفية السليمة، وأطر الانضباط الذاتي التي تحكم سير العمل المتوافقة مع التشريعات النافذة والناظمة للعمل في الجامعة.

وتسعى المدونة إلى نشر وتعزيز المعايير الأخلاقية والقيم النبيلة، والقواعد المؤسسية الملزمة للسلوك المهني وأدبيات الوظيفة، لإيضاح واجبات الموظف ومسؤولياته الوظيفية لتحسين جودة العمل، والالتزام بمهنية وموضوعية الأداء، وتقديم المصلحة العامة على أية مصالح أخرى.

وعن الظروف المالية التي تكابدها الجامعة أكد محافظة أنها تشكل التحدي الرئيسي الذي يصعب تفاديه في ظل الدعم المحدود من الحكومة، وفي ظل قلة الموارد التي قد تشكل رافدا لموازنة الجامعة والاستمرار في تقاضي رسوم الساعات للبرنامج العادي في درجة البكالوريوس دون زيادة،  إلا أن الجهود تتجه نحو ضمان مستقبل مالي مستدام يتمثل في زيادة نسبة الإيرادات الفعلية إلى الإيرادات المقدرة، وتطوير قنوات الاستثمار المجدي بزيادة عدد برامج ومشاريع الاستثمار بالشراكات الخارجية والاستراتيجية مع ذوي العلاقة محليا وإقليميا ودوليا.

وهنا نجد لزاما الإشارة إلى التناغم بين الجامعات الأردنية عموما و"الأردنية" على وجه الخصوص وبين وزارة التعليم العالي؛ ولا سيما أن قانون التعلیم العالي الجدید منح الجامعات مزیدا من الاستقلالیة في تدبیر أمورها، وبات تدخل مجلس التعلیم العالي مقتصرا على قضايا محددة.

الجامعة الأردنية اليوم وكما يراها عزمي محافظة - وبرغم ما قد يبدو عليها من بعض مظاهر الشيخوخة بسبب قدم المباني التي تحول محدودية الإمكانيات من صيانتها وتجديدها- وبرغم خفوت الألق بفعل الأزمة المالية، وبسبب بعض الممارسات التي ستنتهي بتطبيق القانون، فإنها ستبقى منارة الإبداع، وحاضنة الريادة والابتكار، هي محج العلماء والدارسين، وقبلة الطلبة والباحثين.

 

 

 

2017/06/13