Zenko Magazine
إشهار كتاب (أمراء حوران: آل الفواز مشايخ السردية) في (الأردنية)

​أخبار الجامعة الأردنية (أ ج أ ) -  احتضنت الجامعة الأردنية مساء أمس السبت حفل إشهار كتاب "أمراء حوران- آل الفواز مشايخ السّردية" لمؤلفه الوزير والدبلوماسي الراحل الدكتور كليب سعود وسط حضور جماهيري لافت.

 

وشكل الكتاب الذي استغرق مؤلفه الراحل في كتابته وجمعه ما يقارب الـ (10) أعوام وصدر هذا العام عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت بواقع ( 335) صفحة، محاولة جادة لدراسة تاريخ قبيلة عربيّة أردنيّة، وبيان دورها في حماية قافلة الحجّ الشامي في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين.
 
 
حضر حفل إشهار الكتاب رئيس الوزراء السابق عبدالله النسور ورئيس الجامعة الأردنية الدكتور عزمي محافظة والمؤرخ الدكتور محمد عدنان البخيت وأكاديميون ودبلوماسيون وأفراد من عائلة الكاتب الراحل الذي لم يمهله القدر لإشهار كتابه بنفسه ويوقع كلمات حب تعودها المحبون منه.
 
 
 وشارك علماء أجلاء وباحثون من أهل الاختصاص والمعرفة التاريخية والثقافية والأدبية في تقديم قراءات نقدية وهم: الدكتور علي محافظة، والدكتورة هند أبو الشعر، والدكتور إبراهيم الشرعة، والمؤرخ والكاتب الصحفي عادل الأشرم بإدارة الدكتور إسماعيل السعودي.
 
 
وتناول المشاركون في مداخلاتهم طروحات تتعلق بمنهجية المؤلّف ومفاصل الكتاب وطبيعة المنطقة والزعامات المحليّة والأطياف العشائريّة التي تنافست على التعاون مع الدولة العثمانيّة أو الخروج عليها، ومحاذير الكتابة، وصعوبة التعميم، خصوصاً في منطقة واسعة كمنطقة حوران.
 
 
وأشار الدكتور علي محافظة إلى إن الكاتب بذل جهدا واضحا في تأليف كتابه بالرجوع إلى المصادر التاريخية التي تناولت تاريخ القبائل البدوية في بلاد الشام ومصر، مثل كتاب  الكامل في التاريخ لابن الأثير، وبدائع الزهور في وقائع الدهور لابن ياس، والأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل لمجير الدين الحنبلي، ولبنان في عهد الأمير فخر الدين المعني الثاني للخالدي الصّفدي، وتاريخ سوريّة الدّيني والدنيوي ليوسف الدّبس، والروض الزاهر في تاريخ مصر والشّام لابن طولون، وصبح الأعشى في صناعة الإنشا للقلقشندي.
 
 
وأضاف محافظة أن الفواز سعى بعد اطلاعه على المصادر والمراجع العديدة إلى تقديم تصور واضح عن دور قبيلة السّردية في منطقة حوران وشرقي الأردن في رعاية قافلة الحجّ الشّامي السّنوية أثناء مرورها من دمشق حتى وصولها إلى المدينة المنوّرة، مقابل تقديم قبيلة السّرديّة الجمال لحمل الحجّاج وأمتعتهم أثناء سيرهم عبر هذه المنطقة الواسعة، والمسافة الطويلة، وحماية القافلة من اعتداء القبائل البدويّة الأخرى المنافسة والموجودة في المنطقة والتي لم تحصل على امتياز تأجير جمالها أو الحصول على الصرة التي يقدمها والي دمشق المسؤول عن أمن القافلة وراحة الحجاج.
 
 
وأشار محافظة إلى ما توصل إليه الكاتب من أنّ إمارة السّردية التي ظهرت في القرن السادس عشر الميلادي واستمرت حتى نهاية النصف الأول من القرن الثامن عشر، هي امتداد لدولة أمراء آل الفضل في طي، وأنّ قبيلة السّردية تنتمي إلى قبيلة بني لام ومنها المفارجة الذين كانت زعامتهم بآل الفوّاز، منذ مطلع القرن السادس عشر الميلادي.
 
 
كما زيّن  الفواز بحسب محافظة  الكتاب  بصور لشيوخ قبيلته السّرديّة في مطلع القرن العشرين، كانت قد أخذتها المستعربة البريطانيّة جوترود بيل سنة 1913، ومن هذه الصّور خيام شيخ السرديّة في الحماد ونساء بدويات بلباسهنّ التقليدي، وقافلة جمال في البادية، بالإضافة إلى خرائط للإمارات البدويّة في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين.
 
 
وختم محافظة مداخلته بعد إشادته بجهد المؤلف الفواز في استعمال المصادر والمراجع التاريخية ذات الصلة بموضوع دراسته،  بالإشارة إلى جملة من الملاحظات منها أن النتائج التي توصّل إليها  المؤلف في ختام دراسته التاريخية تهمّ بالدرجة الأولى أبناء عشيرة الفوّاز وأبناء قبيلة السرديّة عامّة، بالإضافة إلى أبناء العشائر والقبائل البدويّة الأردنيّة، والمواطن الأردنيّ أيضاً، مشيرا إلى استعماله عبارات غير دقيقة أثناء دراسته مثل اعتبار آل الفواز أمراء لحوران، والصحيح أنّهم أمراء لقبيلة السرديّة التي اتخذت حوران وشرقي الأردن مرابع لها، إذ كانت السلطة في هذه المنطقة لولاة الدولة العثمانيّة في دمشق وسناجقها في حوران ولواء عجلون.
 
 
وأردف: "أهمل المؤلف وجود ودور القبائل البدوية الأخرى في المنطقة والتي كانت تنافس قبيلة السردية، كما برر المؤلف ممارسة القبائل البدوية للغزو وما يرافقه من قتل وسلب ونهب، وإثارة للعصبيات والحقد والكراهية بين الغزاة وضحاياهم، وتجاهله لممارسات البدو في الاعتداء المتواصل على الفلاحين وعلى مزروعاتهم وممتلكاتهم وفرض «الخاوة» عليهم، وحملات الولاة العثمانيين على البدو وملاحقتهم بسبب اعتداءاتهم المستمرة على القرى وأهلها، وإغفال أثر ذلك على شرقي الأردن وتخلّفها في الزراعة، فضلاً عن تأخرها الثقافي.
 
 
من جانبها تحدثت الدكتورة هند أبو الشعر عن الكتاب من الناحية المنهجية لبيان أهمية صدور مثل هذا الكتاب، متوقفة عند جملة من المحاور أولها أن المؤلف أحسن بلاء في توجهه نحو محور يعرفه تماما، ويعرف مصادره المحلية، فهو الأقرب لهذا الموضوع، لأنه عايش أهله بذاكرتهم المتواترة وأحس بمسؤوليته كأكاديمي للبحث عن هذه الجذور وفحص مصداقية الرواية المحلية التي سمعها، مؤكدة أن الكاتب قدم كتاباً نوعيّاً ذلك لأنه يغطي محورا مطلوبا بدراسة تشمل حوران، والقوى السياسيّة والقبليّة في إطار الدولتين المملوكيّة الثانية والعثمانيّة، وتأتي أهميته من الفترة الطويلة المتتابعة التي تناولها، وهي تستحق الدراسة الجادة والمنهجية.
 
 
وأشادت أبو الشعر باعتراف المؤلف  في مقّدمة الكتاب بالمشكلة المنهجيّة التي تواجه أيّ باحثٍ يكتب تاريخاً محليّاً، وتتلخّص بموقفه من مادّة الرواية المحليّة التي تشكّل مرجعيّةً مباشرةً له، وأيضاً من المعلومة التي تقدّمها الوثائق سواءً أكانت رسميّةً أم غير رسميّةً، خصوصاً وهو الأكاديميّ العارف بأهميّة المنهجيّة وصعوبة التوفيق بين هاتين المرجعيّتين، فاجتهد في جمع مادّته التاريخيّة من كلٍّ من دمشق وبيروت والقاهرة وبغداد وإسطنبول، فكان وقوفه على الحياد يحسب له وهو يتحدث عن أهله وقبيلته وشأنٍ يخصّه في نهاية المطاف.
 
 
وأشارت أبو الشعر إلى استفادة الكاتب من المصادر المتاحة في العهد المملوكي التي تمثّل كتب التراجم والسير، في حين أنّ المصادر العثمانيّة هي رسميّة على رأسها «الفرمانات» الرسمية ودفاتر المهمّة، مقدّرةً للباحث استخدامه المصادر المملوكية، واعتماده على مصادر المرحلة العثمانية، واجتهاده وحصوله على وثائق من دفاتر المهمة وقيامه بترجمتها إلى العربية، لافتةً إلى سلطة شيخ القبيلة أو أميرها مقابل سلطة السلطان المملوكي أو العثماني في الحالتين.
 
 
وقالت أبو الشعر إنّ الباحث لم يغفل دور القوى المحلية، أو القوى التي ظهرت في بلاد الشام، في علاقات القبائل معها أو مع الدولة، وعلى رأسها الأمير الغزاوي والأمير فخر الدين المعني وآل سيفا وآل جنبلاط، وظاهر العمر وأحمد باشا الجزارّ، كما أنّه تتبع دور الولاة في دمشق وتأثير سياستهم على القبائل وتحركاتها، ومع أنه لجأ للتكرار كثيراً والاستطراد، إلا أنّه كما قالت قدّم مادة موسعة للأحداث، وظلّ هاجسه تتبع قيادات العشيرة.
 
 
وأشادت أبو الشعر باجتهاد الفوّاز وتقديمه مادةً فوتوغرافيّةً ثمينة، بحصوله على الصّور التي تمثل مشايخ السردية ومنهم غالب بن متعب الكنج وجماعته في أرشيف جيرترود بل التي زارت مضارب السردية عام 1913، وتقديمه خرائط للقبائل وامتدادها وديرتها، داعيةً إلى أهميّة تبنّي الأرشيف المصوّر لدارسي تاريخ المنطقة من الباحثين والمهتمين.
 
 
الشرعة  وفي مداخلته  قال إن هناك جهداً واضحاً في الكتاب من منظور مدة البحث الزمنية التي عالج فيها الفوّاز موضوعه، في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين، وهي الحقبة الزمنية التي شحّت فيها المصادر والوثائق، ما حدا بالمؤلّف إلى أن يعتمد على عددٍ وافر من الروايات بالرغم من محاذيرها الكثيرة.
 
 
وقال إنّ الفواز يُحسب له أنّه ربط بين كثيرٍ من المعلومات المتناثرة ووظّفها لإخراج نصٍّ تاريخي أقرب إلى الموضوعيّة في أحيان كثيرة، معرباً عن تقديره لإظهار الفواز دور المرأة البدوية في فترة موغلة بالبداوة إلى حدٍّ ما، في حديثه عن «برقا» ابنة عمّ كليب، وعن «قطنة» ابنة الـ«كنج» الذي هو ظاهر الكليب، وابنتها «رفعة»، وهو ما يدلّ على الدور الاجتماعيّ للأسرة البدوية.
 
 
وعلى صعيد آخر، تحدث الشرعة في موضوع الكتابة عن دور القبيلة البدوية على المستوى الأمني والعسكري أيّام الدولة العثمانيّة، لافتاً إلى أنّ المؤلف حاول إبراز هذا الدور من خلال قبيلة السرديّة «آل الفواز»، وهو الدور الذي يكمن في اعتماد الدولة العثمانية على شيوخ القبائل العربية بين مدينتي دمشق ومكة المكرمة لحماية قافلة الحجّ الشّامي، مبيّناً أنّ جلّ القبائل كانت تقريباً في ما يسمى بشرق الأردن.
 
 
وانتقد الشرعة محاولة المؤلف إبراز أنّ شيوخ السردية وبالذات الفواز كانوا أمراء للقافلة، موضّحاً أنّ الدولة العثمانيّة لم تعيّن أو تسلّم إلا والي دمشق أو موظفاً فيها، مع أنّها في أحيان كثيرة كانت تستفيد من شيوخ القبائل لحماية القافلة عن طريق إعطاء «الصرّة» وكان آل الفوّاز من هؤلاء الشيوخ.
 
 
وأوضح أنّ الدولة العثمانيّة كانت أحياناً تطلق مسمى «شيخ عربان الشّام» وهو المسمى الذي أطلقته على كليب الفواز نهاية القرن السابع عشر وبداية القرن الثامن عشر، مضيفاً أنّه لا يوجد ما يثبت أنّه كان أميراً لحوران، مصححاً بأنّه كان لقباً، ومع أنّه مُنح من اسطنبول أو والي دمشق، إلا أنّ حوران كانت منطقة جغرافيّة واسعة، وأنّ مسمى شيخ عربان الشّام أو أمير عربان الشام لا يعني حاكماً بل هو مسمى موازٍ لشيخ مشايخ.
 
 
وقال الشرعة إنّه، وبالرغم من مادة الكتاب الجيّدة، إلا أنّ ثمة غياباً في الدراسة للمجلات العلمية المحكّمة، كما أنّ هناك إغفالاً واضحاً لدور كثير من القبائل البدوية في المنطقة، وهي القبائل التي كانت موجودة وكانت تحمي أيضاً قافلة طريق الحج الشّامي، لافتاً إلى مقتل كليب الفواز عام 1709. كما تحدث عن وقوف المؤلف حتى نهاية حكم أو مشيخة السّردية آل الفواز 1718 ثمّ وصوله بالقراء إلى ما بعد مئتي سنة، إذ تحدث عن الربع الأول من القرن العشرين وبالتحديد عن سنة 1927.
 
 
ووقف المؤرخ الأشرم في مداخلته على أربعة جوانب أولها ما يتعلق بشخصية الكاتب الدمثة والشخصية المتزنة والحكيمة التي كان يتصف بها، والثاني ما يتعلق بالجهد الذي بذله طوال الـ (10) أعوام لإنجاز هذا الكتاب من جمع وتدوين وتوثيق، والثالث يتعلق بمن أخرج الكتاب بهذه الصورة المشرفة بعد وفاته، وأخيرا ما يتعلق بمضمون الكتاب ومحتواه الثري.
 
 
وأشاد الأشرم بالجهد البحثي الذي بذله الفوّاز، واقفاً على أهميّة الكتاب الذي يجسّد مرحلةً مهمّةً من تاريخ القبائل في مراحل متأخرة، معتمداً على التوثيق والإشارات التاريخية التي خدمت مؤلّفه في كتاب عن السرديّة في منطقة حوران.
 
 
ورأى الأشرم أنّ الفواز ومن خلال قراءته للتاريخ والجغرافيا يخالف كثيراً من الباحثين الذين كتبوا عما هو متواتر ومنقول من الروايات المصطنعة الآنيّة، في حين أنّ الفواز اعتمد التدوين، متحدثاً عن معرفته به ووقوفه على همّته العالية في بحث رصين وموزون بالمصادر والمراجع والإحالات.
 
 
وفي ختام الحفل، أعرب الدكتور السعودي عن شكر الجامعة الأردنية لرفيقة درب الكاتب انتصار العرموطي، لإهدائها (22) وثيقة عثمانية مترجمة من دار المحفوظات التابعة التابعة لرئاسة الوزراء باسطنبول والمعروفة بالأرشيف العثماني، إضافة لمخطوط (تراجم الأعيان من أبناء الزمان) عن مكتبة النمسا الوطنية في قسم المخطوطات والطبعات القديمة لمركز المخطوطات ودراسات بلاد الشام في الجامعة.
 
 
 
انتهــــــــــــــــــــــى
 
2017/11/12