Zenko Magazine
المجالي يعرض لذكريات نصف قرن عايشها مع الحسين

أخبار الجامعة الأردنية (أ ج أ) زكريا الغول – أطلق مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية باكورة نشاطات كرسي الملك الحسين الأكاديمي الذي أطلق أيار الماضي باستضافة رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عبد السلام المجالي متحدثا حول ذكريات ومواقف وأحداث خمسين عاما عايشها مع الملك الراحل الحسين بن طلال طيب الله ثراه.

 

والكرسي الذي يضع نصب عينيه توثيق التاريخ الشفوي لمسيرة الحسين ضمن حزمة أهدافه، بدأ باستضافة المجالي باعتباره شاهدا مهما ومؤثرا على عصر الحسين.
 
 
المجالي في المحاضرة التي شهدث حضورا نوعيا تحدث على كافة الصعد السياسية والدولية والشخصية ولم يبق ذكرياته سرا ولم يبخل على المدونين والباحثين بشيء، بدء من التقائهما في بريطانيا، وانتهاء بحضور جنازته.
 
ظاهرة متفردة في القرن العشرين
 واستهل الحديث بالقول: "إن الحديث عن العظماء ليس عملاً سهلاً ولا يستطيع القيام به وتأديته إلا من مَلَكَ الموهبة والمهارة اللتين لا أمتلكهما، فالحسين ظاهرة متفردة في القرن العشرين ومدرسة محددة الأهداف متكاملة الأبعاد متعددة المناهج حين شكلت بؤرة استقطاب لكل الطامحين للنجاح".
 
 
وتحدث المجالي عن المناقب الشخصية للملك الحسين وقال: "إن تواضعه وإنسانيته وتسامحه وحبه للناس وتفانيه في تحقيق مطالبهم وخدمة مصالحهم مثل يحتذى، وهذا ما جعله موضع حبهم وتفانيهم له، والالتفاف حول قيادته".
 
خارطة الطريق
وأضاف المجالي: "إن الحسين كان صاحب رؤيا يحلم بمستقبل مشرق لوطنه وأمته، ويمتلك خارطة طريق لوطنه ولأمته واضحة المعالم، وهذه خاصية عز نظيرها، إضافة لما يملكه من نظرة استشرافية مذهلة، ومفهوم يتعلق بالدين الحنيف تفرّد به دون غيره من القادة فكان يدعو للتقدم إلى الإسلام وليس العودة إلى الوراء، سيّما أن الرسالة السماوية ، أمامنا دوماً وعلينا اللحاق بها."
 
حكمته وحنكته
وأوضح أن هذه الصفات ومعها حنكته وحكمته وشجاعته مكّنته من قيادة الأردن قيادةً نوعية، نقله فيها من موقع التخلف والجهل إلى روابي التطور والعلم الذي جعله متميزا على غيره من دول المنطقة، مبينًا أنه ورغم صعوبة المراحل التي مر بها والتحديات التي واجهها والمؤامرات التي جابهها إلا أنه استطاع أن يصل ببلده إلى بر الأمان، وأن يجعل منه بلدا فاعلا في المنطقة يُصغى إليه عندما يتكلم.
 
وعرض المجالي لفترة معاصرته للحسين عندما كان أميرًا، ولا يزال دون السابعة عشرة من عمره لكنه تحدث بطلاقة وثقة وبأدب جم ولا يقاطع أحد في كلامه، مضيفًا: "لقد أيقنت حينها بعد نظره وثاقب فكره وعلو همته وخرجت من ذلك اللقاء مبهورا".
 
ولفت إلى ما تعرض له الحسين من صعوبات وأزمات خلال تعرضه للحكم وكيف قام بمجابهتها كلها إلا أن حنكته ساعدته على تجاوزها كلها بدءً من تعريب قيادة الجيش وحركة الضباط الأحرار وانقلاب العراق ومحاولات إسقاط حكمه العديدة، مشيرًا إلى أن هذا كله جعله في وضع لا يحسد عليه سواء أكان ذلك من الأصدقاء أم من الأعداء لكنه في الوقت ذاته ضرب رقما قياسيا بالمحبين والمعجبين الذين رأوا فيه قائدا ملهما وسياسيا محنكا.
 
وأضاف: "وفوق هذا كله إنسان متواضع متسامح محب للخير وللناس يطبق الحكمة القائلة "العفو عند المقدرة" فقد كان لا يعرف الحقد على أحد، وقد برهن على ذلك في معاملته لخصومه ومعارضيه عبر مراحل حكمه التي امتدت على مساحة خمسة عقود تقريبا".
 
وقال المجالي إن أخلاق وعظمة الحسين جعلت زعماء ما يزيد على 90 دولة يحضرون جنازته، كما أنه أحب الناس فأحبوه، مضيفًا أنه لم يُجبر أحد على حب الحسين بل أحبه الناس وبادلوه الحب طواعية "لأن الحسين دافع عنا وعن كرامتنا وحمى مواطنينا وانتمى لنا، وعندما كنا نمرض بنى لنا المستشفيات ولما أرادوا العلم بنى لنا المدارس والجامعات ولما أردنا سكنا بنى لنا آلاف العمارات وشيد الطرقات وجعلنا أغنى بكثير مما نحن".
 
وذكر أن التناغم عميق بين القائد والشعب ندر أن يكون في بلد آخر، وهذا التناغم كان قوة حافظت على الأردن أن يبقى بأمان رغم الأعاصير، فالعدل عند الحسين أساس الملك فكرا وتطبيقا، والجيش هو حامي الحمى وضامن الأمن، والقدس رمز الشرعية الدينية، والمواطن الصالح هو وسيلتها المنتجة والمحرك وكل هذه تتفاعل ضمن نظام منسق متكامل وكما قال ابن خلدون: "الجيش بالخزانة والخزانة بالعمارة والعمارة بالعدل والعدل أساس الملك".
 
معاهدة السلام
كما استعرض المجالي مرحلة السلام مع الاحتلال الإسرائيلي، قائلًا: "إن الملك المؤسس والملك الحسين كانا يؤمنان بالسلام بعد حساب دقيق لموازين المعركة وهذا الإيمان لم يأت عبثًا."
 
وأضاف: "إن الغرب غيّر استراتيجيته في المنطقة بعد حرب الخليج، فبدلًا من أن تكون إسرائيل هي المخفر المتقدم لهم من أجل حماية البترول، أصبحوا هم موجودون في الخليج فعلًا، مما جعل إسرائيل دولة حقيقية في المنطقة، وتم البدء بحرب السلام."
 
وأشار إلى تجربته في المفاوضات حين ذهب على رأس الوفد إلى مدريد وكيف عين الملك أعضاءً فلسطينيين على غير الاتفاق مع الاحتلال.
 
وختم المجالي بالقول: "إن الحديث عن الحسين هو حديث عن مدرسة أخلاق وقيم ومبادئ مدرسة قيادة وقدوة قلّت مثيلاتها في القرن العشرين، وما ذكرته وما كان لي أن أذكره منها لو أتيح لي الوقت لن يكون أكثر من نقطة في بحر، ومع يقيني التام بأن الذين عاصروه لهم معه موقف إنساني أو قصة إن لم يكن كلهم، فجلّهم، فمكونات شخصيته متعددة ومكملة لبعضها البعض إلا أن إنسانيته تطغى على جميع هذه المكونات وقد تجلت هذه الإنسانية في أوقات الشدة والضيق وعند المنعطفات الحادة التي كانت في حياته رحمه الله".
 
مدير مركز الدراسات الاستراتيجية الدكتور موسى شتيوي قال إنشاء الكرسي جاء تقديرا من الجامعة لإنجازاته الفذه وتخليدا لذكراه العطرة وإدراكا لأهمية الإنجازات التي تحققت في عهده، ولإلقاء الضوء على حياته ومسيرته التي قادت الوطن وأهله إلى قمم التقدم والنماء.
 
وأضاف شتيوي أن الكرسي يعكف على استضافة باحثين عالميين وأردنيين متخصصين في العلاقات الدولية ومنطقة الشرق الأوسط للعمل على مشروع بحث أو كتاب ضمن أهداف الكرسي، وإطلاق مشروع بحثي لإجراء دراسات معمقة ومتخصصة حول أهم المحطات في حقبة الحسين.
 
ولفت إلى أن الكرسي سيعمل على إنشاء مكتبة لتوثيق كل الأعمال والأنشطة الخاصة بمسيرة الحسين إلى جانب عقد المؤتمرات والندوات المتخصصة للإلمام بالسيرة الكاملة للحسين.
 
 
انتهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى
 
2017/11/23
الأردنية تطلق باكورة نشاطات كرسي الملك الحسين الأكاديمي