بسم الله الرحمن الرحيم
طلبة الأردنية الأعزاء:
سنشهد معا خلال يومين ممارستكم لاستحقاقكم الديمقراطي الأكبر في مرحلتكم العمرية الحاضرة، في انتخابات اتحاد طلبة الجامعة الأردنية، وهو استحقاق لا يستطيع أحد أن يمنّ به عليكم بالمَنْح أو الرفاهية.
أنتم الضجيج الجميل الذي ننتظره، وأنتم نسيج الحرية والوعي في الانطلاق نحو السلوك الديمقراطي المنشود، وأنتم -لا نحن- مستقبل الوطن الذي نحلم به، وبسلاح المعرفة والتسامح والقبول ستحققونه لنا ولكم.
فلا تكونوا من المتفرجين ترقبون حركة التاريخ وصناعته وقوفا؛ انغمسوا في مشهد الحياة، واصنعوا لما بقي لنا، واصنعوا لأنفسكم مستقبلا حرّا وكريما.
ولا تسمحوا لما يتقاسمنا من تيارات الفكر والسياسة أن تفرق بينكم، ونحن نشهد تيارات إسلامية معتدلة وأخرى متشددة، وتيارات قومية شمولية وأخرى ترتدي رداء الليبرالية، فكونوا أنتم تيار الحق وصوت الحقيقة؛ فالعيون متعلقة بكم تطالبكم بوعي جديد وروح متّقدة تنشد الحرية والحق والعدل والتسامح.
تذكروا دائما أن جامعتكم الأردنية في أردنكم العظيم لطالما سارت في نهج تعليم الحرية المسؤولة، واحتضنت أجيالا علموا علم اليقين أن أرض هذا الوطن لوحة فيها من بهاء التسامح الإنساني وتعدد مصادر الثقافة ما لا تحتويه أي أرض؛ ففيها إرث الرومان، وفيها تاريخ المؤابيين والأدوميين والعمونيين والأنباط، وفي قلبها أرواح حية تذكركم بالعزة والنصر عندما فاضت بدماء زكية في أرض مؤتة، وعليها قامت معاركنا الكبرى في اليرموك وأجنادين وحطين، وأرضنا هي من شهدت زمان يقظة العرب وثورتهم على الظلم والاستبداد، فكانوا –كما هو مأمول منكم اليوم- حرّاسا أمناء وأوفياء لكل هذا الموروث العظيم.
و"الأردنية" اليوم وكلّ يوم تراهن بكم أنها هوية الأردن المفتوحة بما فيها من تنوع وتعدد يزيد الالتفاف والاجتماع، وأنكم من سيحمل لواء العمل بجميل الانتماء وصدق المسعى.
أبنائي الطلبة، أبناء الأردنية:
ما أحوجنا اليوم إلى أن نقف متكاتفين لا يحول اختلافنا أبدا دون أن نبقى مؤتلفين، مشتعلين بعشق الوطن، متمسكين ومتألقين بصورة الوئام والانسجام التي لا تشوبها إقليمية أو عنصرية، خطابنا الأوحد هو خطاب المعرفة بآفاقها الرحبة، وحوارنا حوار عقلاني جاد أنتم أقطابه وصُنّاعه.