Zenko Magazine
نجاح علمي غير مسبوق على مستوى المؤتمرات العلمية في الأردن
أخبار الجامعة الأردنية (أ ج أ) هبة الكايد - علامات كثيرة استوقفتنا للحديث عن النجاحات التي حققها المؤتمر العالمي للتفاضل الكسري وتطبيقاته بنسخته التاسعة، الذي انطلق في الجامعة الأردنية بالتعاون مع صندوق دعم البحث العلمي قبل بضعة أشهر بمشاركة أكثر من 70 دولة حول العالم، ما جعلنا نصفه بجدارة أنه المؤتمر العلمي الأضخم والأنجح أمام نظرائه من المؤتمرات الأخرى المتزامنة معه من حيث المحاور والموضوعات التي طرحها وأعداد العلماء المشاركين والمتحدثين الرئيسيين فيه.
 
 
فانعقاد المؤتمر في الأردن جاء بعد تحديات كبيرة كانت تحول دون استضافته فيها، ولكن بعد جهود مكثفة لعلماء وباحثين أردنيين استطاعوا من خلالها إقناع اللجنة التحضيرية العالمية المعنية بالمؤتمر بأن الأردن بلد الأمن والأمان والاستقرار، وأنه بلد قادر على استقطاب الكفاءات من كافة الدول وأنه يتمتع بموقع استراتيجي مثالي ومناخه ملائم للجميع على عكس اعتقاداتهم وظنونهم.
 
 
ويدرك الناظر إلى تفاصيل المؤتمر على موقعه     http://conferences.ju.edu.jo/en/icfda2018/Home.aspx   حجم أهميته العالمية بالنخبة المتميزة من العلماء والباحثين من مختلف أنحاء العالم ممّن أبدوا حرصهم الشديد على المشاركة فيه من جهة، وبتعدد أوراقه البحثية المطروحة في كثير من المجالات والعلوم والتطبيقات من جهة أخرى، بلغت أكثر من 200 ورقة علمية.
 
 
المؤتمر الذي ضم 25 متحدثا رئيسيا من 18 جنسية واستمر ثلاثة أيام ناقش خلالها الخبراء جملة من المحاور المتعلقة بمجالات الرياضيات والبيولوجيا والكيمياء والطب والميكانيكا والكهرباء والاقتصاد والمال والفيزياء وعلوم الأرض والعلوم الحياتية والروبوتات والهندسة، وغيرها من العلوم والنظم التي باتت تطبيقات التفاضل الكسري جزءا لا يتجزأ من حساباتها.
 
 
وعليه، فقد تميز المؤتمر بمشاركة الطالب البريطاني المعجزة "آران فرنانديز" الذي ألقي كلمة رئيسية في المؤتمر، وهو معجزة حقيقية لكونه أصغر طالب في تاريخ بريطانيا ونجح بامتياز في اجتياز شهادة الثانوية العامة البريطانية رغم تلقيه تعليمه في المنزل وليس في المدرسة وعمره خمس سنوات فقط، ويعد أصغر طالب ينضم إلى جامعة كامبريدج منذ عام 1773 وهو في الرابعة عشرة من عمره فقط.
 

وشكّل المؤتمر فرصة للباحثين الأردنيين للالتقاء بالخبراء وأصحاب الاختصاص القادمين من الخارج، كما اكتسب قيمة علمية كبيرة نظرا للاهتمام بنشر أوراق باحثيه المختارة في 4 مجلات علمية عالمية محكمة من الفئة الأولى والثانية، كما تم نشر كتاب بعنوان (Theory Advanced and Applications of Fractional Calculus)  خاص بأعمال المؤتمر في دار النشر العالمية (سبرينغر)، فضلا عن أن وقائع المؤتمر نشرت في دار النشر العالمية (إل سيفيير).
 
 
وليس هذا فحسب، فقد نشر 114 بحثا علميا تم مناقشتها في المؤتمر في مجلة SSRN وهي مجلة عالمية متخصصة في نشر وقائع المؤتمرات العلمية الناجحة، فيما قامت مجلةFCAA  (Fractional Calculus and Applied Analysis)  وهي مجلة من الفئة الأولى وتصنف من أعرق المجلات في الرياضيات ولها معامل تأثير 2.865 بإصدار عدد خاص لأربعة عشر بحثا من أبحاث المؤتمر، فضلا عن تغطيتها لأحداث المؤتمر من حيث مقارنتها لعدد المشاركين والأبحاث والحضور والدول والموضوعات، ما يثبت قوة المؤتمر ونجاحه على أعلى المستويات.
 
 
كما أصدرت المجلة قائمة بالجوائز التي تم منحها في المؤتمر وهي سبع جوائز عالمية  اثنتين منها من نصيب علماء عرب واحدة للدكتور شاهر المومني وهي أرفع جائزة، وأخرى للدكتور رياض الخزاعلة من جامعة خليفة في الإمارات العربية المتحدة، بينما كان هناك جائزتان لطلبة الدراسات العليا واحدة منها أيضا للطالب إقبال بطيحة من الجامعة الأردنية، وجائزة باسم العالم الألماني المشهور "رودلف قرنفلو" الذي وافته المنية في تشرين الأول من عام 2017، توزعت على دول الصين وفرنسا وبولندا وتركيا.
 
 
وكدليل آخر على تميز المؤتمر في ما نتج عنه أيضا، فقد كشف القائمون عليه عن نيتهم بالبدء في تأسيس جمعية "جو سَيام" للرياضيات التطبيقية والصناعية لتكون الأولى من نوعها على مستوى الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
 
 

وكان رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر على الصعيد المحلي الدكتور شاهر المومني بين أن "جو سَيام" بفرعها الأردني تحت مظلة "سَيام" الأم سيكون هدفها الرئيسي كسر الهوة بين علم الرياضيات بكافة فروعه وتطبيقاته والعلوم الأخرى؛ سيّما وأنه علم متداخل مع جميع العلوم على اختلاف تخصصاتها.
 
وأضاف المومني أن الجمعية ستضم مواقع لمجلات عالمية علمية محكمة من الفئة الأولى وعدد لا يحصى من المصادر البحثية المتعلقة بالرياضيات الصناعية والهندسية والطبية والحسابية وغيرها من التطبيقات للباحثين الأردنيين المشتركين على اختلاف تخصصاتهم.
 
 
وستكون "جو سَيام" وهي فكرة الدكتور ضياء زيدان من الجامعة الألمانية الأردنية جمعية للرياضيات الصناعية والتطبيقية للباحثين الأردنيين تحت مظلة جمعية سيام العالمية، وهي أكبر وأقدم رابطة مهنية وأكاديمية في العالم مكرسة لاستخدام الرياضيات التطبيقية في الصناعة، لافتا زيدان في هذا الصدد إلى أن "سيام" في الأردن ستضم أعضاء من المهندسين وعلماء الرياضيات الأردنيين الباحثين في المجال الأكاديمي وغير الأكاديمي.

 
وعن توصيات المؤتمر، انفردت بمطالبتها بضرورة تدريس علم "التفاضل الكسري" لطلبة الجامعات وتحديدا كليات العلوم والهندسة، باعتباره جزء لا يتجزأ من العلوم الأخرى في الحياة، لتوظيفه بالطرق الصحيحة التي من شأنها أن تسهم في التقدم العلمي والتقني، إضافة إلى توحيد جهود الباحثين بتكثيف الدراسات المتعلقة بتطبيقات علم الرياضيات الذي يعد الهيكل الرئيسي لتاريخ الحضارة والحجر الأساس للبناء التعليمي بأكمله، ويسعى إلى توجيه الاهتمام نحو القيمة الثابتة للمآثر التعليمية التي تُقدّم للعالم.

       
وطالب المشاركون في المؤتمر بضرورة رفع الوعي المجتمعي حول قيمة "الرياضيات" على أنها اللغة العلمية لكل من العلوم والمنطق والحاسوب والهندسة والاقتصاد والإحصاء والطب، مؤكدين على الاهتمام بتوجيه الأنظار نحو شحذ همم الباحثين لاستخدام حساب التفاضل الكسري بشكل كبير في نمذجة العديد من النظم الفيزيائية والبيولوجية المعقدة، ليصبح  علم  القرن الحادي والعشرين، سيّما أنه  أوسع وأشمل تطبيقا من علم التفاضل الكلاسيكي المؤدي إلى مفاهيم رياضية مماثلة.
 
وأجمعوا على أن "علم الرياضيات" يدين بشطر كبير من تقدمه للعلماء العرب، بل إن مؤرخي العلم من الغربيين من يجاهر بأن بعض فروع الرياضيات هي اختراع عربي بحت، ولقد أبدى العلماء العرب اهتماماً بالغاً بهذا العلم بفروعه وتطبيقاته المختلفة منذ مئات السنين حتى الان.
 
 
ولن ننسى فوق ذلك كله وبعد هذا الزخم بتوصياته بأنه حظي برعاية سمو الأميرة سمية بنت الحسن، بحضور كبار العلماء والمسؤولين والمهتمين المتخصصين، كما تعددت جهاته الداعمة نظرا لأهميته الكبرى وهذه الجهات عبرت عن فخرها بدعمها للمؤتمر بعد ما لمست قيمته العلمية على مستوى عالمي، وهي الجامعة الألمانية الأردنية ومؤسسة كلارفيت وشركة أورنج وجامعة البترا والشركة الأردنية للأدوية ومؤسسة عبد الحميد شومان ومدارس النظم الحديثة وأكاديمية العالم الإسلامي للعلوم وهيئة تنشيط السياحة وغيرهم من الرعاة والداعمين من مختلف القطاعات على الصعيد الشخصي والمؤسسي.
 
 
ولا بد أن نلفت النظر إلى أن عدد من المشاركين من دول عريقة أشادوا خلال محادثاتهم ومراسلاتهم عقب انتهاء المؤتمر بالمستوى الذي لمسوه فيه، بدءا بالترتيبات اللوجستية المنظمة، مرورا بالموضوعات التي تم مناقشتها في أوراقه البحثية والتي كشفت المستوى العلمي المتقدم في الأردن، ووصولا لحجم العلماء والباحثين والمتخصصين والحضور من دول مختلفة على مستوى العالم أسفر لقائهم عن عصف ذهني مثمر لعلم الرياضيات وتطبيقاته المختلفة، لم يلمسوا مثله في كثير من الدول المتقدمة على حد تعبيرهم.
 

2019/03/04