تُبرزُ الأنباء منذ شهور عديدة، مسألة تأسيس جامعة روسية في الاردن، تساهم في تسهيل تلقي الطلبة الاردنيين المعارف الروسية المتقدمة، ولتعريف المجتمع المحلي وشعوب الاقطار العربية وغير العربية المجاورة للاردن بالواقع العلمي والتعليمي الروسي، ولتأكيد صورة روسيا وعلومها الراقية في إذهان العامة، وفي محاولة لمحو التشويهات المقصودة والمتواصلة التي تلحق بها.
ملف الجامعة الروسية بالاردن يطبخ، كما يبدو، على نار هادئة، ونأمل ان لا يجد معارضة خارجية ما، وأن يتم تسهيل تأسيس الجامعة أسوة بجامعات أجنبية أخرى تعمل في البلاد بحرية وتحت سقف القوانين. وأعتقد بأن وجود جامعة روسية في الاردن مهمة مِلحاحة، ذلك لأن من شأنها التخفيف على ألوف الطلبة بخاصة الناطقين بالروسية من عائلات مختلطة، ِمن مشقّة توجّههم الى روسيا والإستقرار فيها خلال سنوات الدراسة، وستعمل الجامعة بالتأكيد على تذليل معضلات معيشية ومالية جمّة قد تقف بالمرصاد لهم.
إجتماعات رؤساء الجامعات الروسية في رِحاب الجامعة الاردنية، تطرّقت إلى قضية الجامعة الروسية، وتحدثت عنها عشرات الأخبار المحلية المنشورة التي مصدرها القسم الإعلامي بالجامعة، وأوصى المنتدى الأردني الروسي الاول الذي ينتظم في أعماله رؤساء الجامعات الأردنية ونظرائهم الروس، المُنعقد حالياً في عمّان، بضرورة إنشاء جامعة أردنية روسية للعلوم التقنية، على غِرار الجامعة الألمانية الأردنية، وذلك خلال مناقشات المنتدى الذي يترأسه رئيس الجامعة الأردنية النشط الدكتور اخليف الطراونة، بحضور وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور أمين محمود، والسفير النابه للفيديرالية الروسية لدى المملكة بوريس بولوتين، ونائب رئيس الوكالة الفيدرالية الروسية للتعاون الدولي صديقة الاردن الدكتورة لاريسا يفريموفا، ومُمثّل وزارة التعليم والعلوم الروسية الكسي كروبشنك.
وفي تصريحات وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور أمين محمود، تأكيدت مُبشِّرة، إذ وصف المنتدى وأعماله بأنه على درجة كبيرة من الأهمية، بهدف الاطلاع على التجربة الروسية في مجال التعليم العالي والاستفادة منها بخاصة في مجال العلوم الطبية والتقنية، لاسيّما ان العديد من الجامعات الروسية تحقق تقدماً ملموساً في تلك التخصصات. كما كشف الوزير محمود عن أهمية وجود برامج مشتركة بين الجامعات الروسية والاردنية، أخذاً بالاعتبار ان الجانب الروسي هو الذي طرح فكرة انشاء الجامعة الروسية بالاردن، ومشيراً الى ان هذا الاقتراح "مؤشر على تقدم الاردن في المجال العلمي".
التصريحات الرسمية الاردنية المختلفة نوعية وجديدة، ولم نكن نسمع مثيلاً لها في السابق من وزراء ومسؤولين اردنيين، وهي تؤشر الى مواقف اردنية جادة إتجاه العلوم والتقنيات الروسية، التي عمل البعض على تسويد صفحتها سنوات طويلة، ومحاولة التحريض عليها، وإقصائها، والعمل على تسييد علوم دول أخرى لا ترضى ولا تحتمل أن تجاورها أو تتعاون معها وتتصادق علوم وتقنيات روسية وخبراء روس، حتى من السيدات الروسيات الاردنيات.
وفي تصريحات السفير الروسي بوريس بولوتين في المنتدى العلمي نجد مؤشرات على اهتمامٍ بالتعاون الشامل مع الاردن، إذ ألقى سعادة السفير الأضواء الكاشفة على أسباب تقدم وتطور العلاقات الاردنية الروسية في مجالات عديدة، من بينها العلمية. ولفت الى أن العلاقات الأردنية الروسية تتطور "بطريقة منهجية وبنمو مستمر، وتسير في اتجاهها الصحيح"، وبيّن إلى "توافق البلدين في وجهات نظرهما في عدد من القضايا، مايدفع بالعلاقات الى تأطير المنتدى الراهن لأشكال جديدة من التعاون العلمي والأكاديمي والبحثي، بما يَصب في مصلحة البلدين الصديقين"، وتأكيداته كذلك بتمّيز الاردن بالأمن والإستقرار، "الذي يجعل منه بوابة للشرق الأوسط ودول الخليج العربي".
ويتوافق تصريح السفير بالوتين مع النقاط الرئيسية قي تصريح نائب رئيس الوكالة الفيدرالية الروسية للتعاون الدولي، الدكتورة لاريسا يفريموفا، بخاصة في رؤية الجانب الروسية التي تتطلع الى ان تكون الجامعة الاردنية "نافذة روسيا على الجامعات الاردنية والعربية لِما تتميز به من مكانة علمية مرموقة بين نظيراتها". ولفتت يفريموفا الى استعداد الوكالة الروسية لتقديم المساندة لإنجاح اعمال المنتدى وتطبيق توصياته واقعاً ملموساً، من شأنه تطوير وتعزيز العلاقات الاكاديمية الثنائية "في المستقبل القريب".
ويَشهد المنتدى في سياقاته وخواتيمه إقرار سُبل وآليات توطيد التعاون الأكاديمي والبحثي بين الجانبين الاردني والروسي، وزيادة المِنح الحكومية الروسية للطلبة الأردنيين، وتأطير العمل في حقل التبادل الطلابي والأكاديمي، وإبرام اتفاقيات ومذكرات تفاهم، وعقد مؤتمرات ونشاطات علمية، وتقريب إمكانيات إنشاء الجامعة الروسية بالاردن، بما يُحقّق الاستفادة لكلا الطرفين.