ما سأكتبه اليوم خارج إطار سياق السياسة والفكر، ويعالج مسألة في غاية الأهمية، تبنى التنويه لها مراراً الدكتور نجيب أبو كركي أستاذ الزلازل في الجامعة الأردنية، حيث تواجه شواطئ البحر الميت مشكلة واستحقاقات نتيجة تلاعب الإنسان ببيئته التي تؤدي إلى الانخفاض المتزايد لمستوى مياه البحر الميت وتراجع خطوط الشاطئ نحو البحر، وقد أدى ذلك إلى انهيارات خسفية كان يمكن تلافيها بإدارة ذكية للمنطقة تستوعب الواقع ومتغيراته وآثار ذلك على كل المخططات الاستثمارية في المنطقة.
لقد نشرت عشرات الأبحاث المحكمة حول الموضوع وقدمت نتائجها بعشرات المؤتمرات المحلية والدولية، كما تم توعية المجتمع المحلي بذلك ويتم عرض السيناريوهات المحتملة لكل منطقة في المستقبل القريب، قبل أن تكون هناك كارثة على أرض الواقع.
يقول الدكتور أبو كركي أن ذلك بدأ منذ عام 1991 ولا يزال مستمراً - أي حتى عام 2014- والتحذير تلو التحذير من مناطق الخطورة سنوات قبل وقوع الكارثة، وأن قاعدة البيانات الموجودة لديه تغطي (213000) نقطة تحتوي كل نقطة على خلاصة تحليل (60) من المصورات الفضائية وخاصة التي تستنبط منها خطوات وتسلسل التشوهات التي طالت النقاط الموزعة على الشاطئ بتقنية التداخل الراداري التي تستند إليه.
إن أثر ذلك مهم للغاية في تحصين الاستثمارات التي تقدر بمئات الملايين التي أنشئت والتي سيتم إنشاؤها على الشاطئ.
إن هذه الاستثمارات يجب أن تخضع سواء كانت سياحية أو صناعية إلى نظام الإنذار المبكر والذي يغطي عشر سنوات، وحتى قناة البحرين فإنها ستحل جزءاً من المشكلة ولن تؤدي إلى الحل الشامل لها. إن تتبع مواقع بعض البيوت التي أنشئت في المناطق المحتملة لمثل هذه الانهيارات قد أثبت أن هذه البيوت قد انتهت ولم يبق منها إلا أشجار الزينة.
في الوقت الذي يتم تشجيع كل الاستثمارات التنموية في هذه المنطقة والتي استقطبت كبرى الشركات العالمية، بالإضافة إلى المصانع على الشاطئ الجنوبي، تحتاج إلى أخذ المشورة العلمية لتلافي أية أخطار في المستقبل، وليس كل المناطق بنفس السوية، أي أن يتم حسن اختيار المكان لإقامة هذه المنشئات.
لقد تحدثت شخصياً مع مدير عام المناطق التنموية ويمكن أن يساهم تخصص ( الحقيقة الافتراضية) في رسم صورة متوقعة علمية مستقبلية لما ستكون عليه هذه المناطق، تكون موجودة عند إدارة المناطق التنموية وهيئة الاستثمار من أجل تبصير المستثمرين بالحقائق العملية المفترضة خدمة لهم شخصياً وخدمة لبلدنا أيضاً، وأننا حريصون كل الحرص على نجاح استثماراتهم وذلك ممكن في حالة تعاون الجهات ذات العلاقة مع الجهات العلمية وعلى رأسها الدكتور نجيب أبو كركي وفريقه المتطوع لهذه الغاية، وهذا إسهام أيضاً تقدمه الجامعة الأردنية مشكورة من أجل خدمة المجتمع المحلي والاستفادة من أبحاث الترقية المحكمة في قضايا عملية ذات مردود مادي كبير والأهم من ذلك سمعة بلدنا وحرصه على كل الأموال التي تستثمر فيه.