في بعض الجامعات الأمريكية يُطلب أحيانا من عضو هيئة التدريس إعداد تقرير خاص بعدد محدود من طلابٍ انضموا لأسرته الأكاديمية وصاروا في عهدته، ليبقوا تحت إشرافه منذ سنة التحاقهم الأولى بالجامعة، وخلال تلك المدة القصيرة تكون قد تشكلت بين الأستاذ وطلبته روابط وعلاقات أكاديمية صرفة ضمن أسر جامعية يكون الأستاذ فيها هو القائد والموجه، إذ يعود الطلاب إليه في كل صغيرة وكبيرة، يطلبون النّصح والمشورة، وهنا يحصل الطلبة على مرشد يضيء لهم دروب البحث ومسالكه، ويلعب دور الأبوة في ظل مرحلة لا يزال الطالب فيها محتاجا إلى منير، وحول ماهية هذا التقرير ومحتواه؛ فإنه تقرير أشبه بالتقرير السريري الذي يعده الممرض في وحدة حديثي الولادة، تقرير يتضمن نتاج علاقة أكاديمية كان عمادها الهمّ البحثي المتعلق في شؤون المعرفة الباحثة عن الحلول والبدائل وبكل ما هو جديد أو بديل ما، ففي كل مجال تعليمي ثمة رغبة لكشف المزيد ورغبة في معالجة التالف وطرح البدائل، إذ إن شأو التعليم برمته لا يقتصر على التلقين والمراجعة والاختبار وهي الإجراءات الخاصة بالعملية التعليمية، فهناك "لا منهج" يتيح للمتعلم سقفا لا محدودا من الطموح والتفكير الإبداعي ترافقه رعاية ومراقبة من قبل أساتذة سيحكمون تاليا على ميول هذا الطالب وذاك، ويقدمون ملخصا وتقويما حول رغائب الطلبة والمجالات التي يمكن أن ينجحوا فيها فيقدموا أفضل ما لديهم.
والحاصل في مخرجاتنا الجامعية أن شريحةً ليست بالقليلة من مجتمعنا همها الدراسة في الجامعة فقط، وفي أي تخصص يكون، من دونَ ان تكون هناك رؤية أو خطة مستقبلية، وهذه الشريحة لا يمكن لها تاليا التقدم والإنتاج بفاعلية ما لم يتم إدراكها في مرحلة التلقي والنماء الجامعية، والأستاذ الجامعي ولدوره المؤثر يمكنه الإسهام في عملية تغيير هذا النمط السائد عند العديد من طلبتنا وأسرهم، بل ويمكن للأستاذ ذاته زرع ما هو أهم من التوجيه والمعرفة؛ ألا وهي الدافعية للعمل، وذلك حين لا يقتصر أداء الأستاذ على تقديم المعرفة والعمل البحثي وحسب، إذ يستوجب أن يكون ثمة دور اجتماعي لعضو هيئة التدريس داخل الحرم الجامعي يظهر على شكل أسرة جامعية تتبادل الهموم وتناقش مستقبلها وترتبط بمركزية توجيهية يديرها الأستاذ الجامعي.