محمد حسن التويمي*
نشارك كمسلمين الشعب الصيني الصديق، في تقويمنا القمري. أعيادنا الاسلامية تندرج ضمن هذا التقويم، كذلك هي تقويمات الصين منذ تأسيس الامبرطورية الصينية التي ظلت مستمرة وكياناً حكومياً منذ فجر التاريخ والى عصرنا الحالي.
في زيارتي مؤخراً الى الصين، بدعوة لمؤتمر العلماء والخبراء العرب، كنت أتمنى ان أبقى هناك أياماً أكثر للاحتفال بهذا العيد، ومقارنة احتفالات الشعب والدولة الصينية به، مع احتفالاتنا كمسلمين بالسنة الهجرية، وهي سنة قمرية، عَلّيْ أجدُ تشابهات ومشتركات في سلوكيات الاحتفالين الاسلامي والصيني، سيمّا وأن بصمات المسلمين الصينيين منتشرة في أرجاء الصين الواسعة، وليس في مناطق المسلمين الرئيسية هناك وأقاليمهم الذاتية الحُكم.
احتفال الشعب الصيني بسنتهِ الجديدة، واحتفالنا في الاردن بهذه السنة معهم، وسرورنا وسعادتنا وإياهم، علامة كبيرة اخرى على مشتركات مهمة في العلاقات الاردنية الصينية التي هي جزء من علاقت عربية صينية كبيرة، بعد تأسيسها بين عمّان وبكين في العام 1977. فقد حضرتُ الاحتفال الرئيسي بالسنة الصينية، سنة الخروف، في الجامعة الاردنية بعمّان، وجرى على خشبة مسرح سمو الامير الحسن بن طلال، وسرّني جداً أن أُشارك السفارة الصينية بإحتفالاتها بدعوة رسمية منها، إذ أن الاحتفال كان تعبيراً عن صداقة ثابتة وشريفة، وتعبير مني ومن الحضور الى جانبي عن ثبات "الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب اصدقاء الصين" بالمشتركات الكثيرة التي تجمعنا بالصين، بغض النظر عن أية تطورات تجري على الساحات الاردنية والعربية والصينية،
وعلاقات هذه الساحات بعضها ببعض، وبرغم ما يمكن أن يلحق بالاعضاء الاتحاديين من انتقادات وتبرّم منهم وتجاههم بسبب علاقاتهم بالصين، التي ربما لا يَصلها معلومات ولا تتكون لديها تصورات عن مدى حجم العداء لها في بعض الأوساط، العاملة على تحييد وتهميش ونهش أصدقاء الصين الحقيقيين، والنيل منهم، ضمن صراع محلي يندرج في إطار مواجهات إقليمية ودولية لهذه الاوساط، لتقليم الاندفاعات الصينية في جُل بلدان المشرق العربي، وإلحاق الهزيمة بأصدقائها الأخلص، والتضييق عليهم بشتى السُبل والصور، حتى من جانب عددٍ من الاردنيين ذوي النفوذ والعرب الذين يعملون مهنياً وشخصياً مع الصينيين ويحيطونهم بهالتهم البهلوانية، مُخفين تطلعاتهم الحقيقية التي عادة تكون متجهة نحو بلدان تَقبع وراء البحر الابيض المتوسط، وخلف أمواج المحيط العالمي.
الاحتفال الصيني بالجامعة الاردنية، أكد للمرة الألف، أن في الاردن جيل شاب يَهوى معرفة الصين، ويريد تعلّم ودراسة اللغة الصينية ونيل العلوم في الصين، ويسعى الى زيارة الصين والاستقرار فيها، وإبراز إبداعاته لشعبها، والشهرة في فيافيها، لكونها تفسح له المجال رحباً لِما يُريد ان يتحدث عنه ويُبدع فيه، لحصد المكاسب، وللعيش في دولة تضمن حقوق الانسان وحرياته الطبيعية التي كفلتها له السماء والدساتير الوضعية، في اشتراكية بألوان صينية، يتعايش ضمنها المسلم والمسيحي وأصحاب الأديان الاخرى بالصين، ويتصالح فيها مختلف الناس ذوي التطلعات المتباينة، ويتفقون على مشتركات في إنسانيتهم والعمل لصالح الجماعة البشرية.
سرّني جداً الاستماع في الحفل الى طلبة اللغة الصينية بالجامعة الاردنية، وهم يَعرضون تمثيليات قصيرة باللغة الصينية، أو يغنّون بها، واستمر الاحتفال قرابة ثلاث ساعات متصلة وممتعة، عرضت لفقرات إبداعية ومتنوعة وغاية في الرشاقة والجمال، ناهيك عن الهدايا الثمينة التي وزّعت على الحضور ضمن مسابقات معلوماتية مباشرة، جرت بين خشبة المسرح وقاعة المدرج، وهو ما يجعلنا نأمل وننتظر احتفالات صينية اردنية اخرى بمناسبات صينية تجري على مدرج الحسن، لتعظيم المكاسب في علاقات الاردن والصين، وبناء مؤسسات قادرة على تنمية وتعزيز التبادلات بين البلدين والشعبين، وتوسيع دوائر الدبلوماسية الطلابية والشعبية بينهما.
*مسؤول المطبوعات في الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتّاب العرب اصدقاء الصين ومنتدى قراء مجلتي مرافئ الصداقة والصين اليوم بالاردن.