كثير من مشاهدي ومستمعي المحطات التلفزيونية والاذاعية، لا تشدهم البرامج الدينية التي تبثها تلك المحطات،بل أن العديد منهم سرعان ما يبحث عن محطة أخرى تبث برامج اخبارية أو منوعة ! وذلك ليس نفورا من ديننا الاسلامي الحنيف ورسالته السمحة، وقيم المحبة والسلام والاعتدال التي يدعو لها، بل لأن طريقة إعداد وتقديم تلك البرامج منفرة، ولا تثير اهتمام المشاهد والمستمع، فهي تتحدث عن نصوص ومواعظ مكررة ولا جديد فيها، ويحدث نفس الشيء بالنسبة الى العديد من خطباء المساجد، حيث يشكو الكثير من المصلين في بعض المساجد، من طول وقت خطبة صلاة الجمعة التي يقدمها بعض الأئمة، وما تحتويه من تكرار ممل لدروس ومواعظ وقصص معروفة، منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام.
وفي مقابل ذلك تزدحم بعض المساجد بالمصلين يوم الجمعة، للاستماع الى خطبة الصلاة، نظرا لما يتميز به خطباء تلك المساجد، من فكر نير وقدرة على تقديم رسالة الاسلام، بأسلوب مشوق بدون إطالة أو تكرار.
ليس في هذا شيء جديد، فهو كلام معروف يتحدث فيه الكثيرون، لكن لأن «الشيء بالشيء يذكر»، فقد شاهدت قبل أيام عرضا قدمته فرقة انشاد ديني، تتكون من عديد الطلبة والطالبات الماليزيين، الذين يدرسون في احدى الجامعات الأردنية،وهم إخوة لاب واحد وأربع أمهات،وكان عرضا فنيا جميلا ممتعا، يتضمن الانشاد والرقص والعزف على آلات موسيقية، توصل الرسالة الدينية المرجوة في الكلمات والاداء،بأسلوب راق أفضل من خطب كثيرة، وتعكس إيمانا عميقا لدى هؤلاء الطلبة، ليس فيه نفاق أو تزلف. كما تقوم الفرقة بالتمثيل وغير ذلك من الفنون.
تنتمي الفرقة الى مجموعة ثقافية اسلامية، أسسها العالم الماليزي»أبوي الشيخ إمام أشعري محمد التميمي»، وهو الذي كتب كلمات الاناشيد التي تؤديها، وقد سبق أن زار الأردن وأحبه كثيرا، كما يقول القائمون على ادارة المجموعة..
وقد انشأت الفرقة مركزا للتدريب يسمى «أكاديمية جيل الأمل»، ومقره الرئيس في ماليزيا وله فرع في الأردن، وتهتم الاكاديمية بإعطاء فرص لأكبر عدد ممكن من الشباب، لتنمية وتطوير مواهبهم في المجالات التي تناسبهم. ومن بينها الفنون الثقافية والفنون السمعية والبصرية، والانتاج الفني، وممارسة أعمال مهنية ومنها ادارة المطاعم، بالاضافة الى الفروسية.
وما يثير الاعجاب في أعضاء الفرقة، أنهم يستثمرون طاقتهم الايجابية الى أقصى حد، ولا يضيعون أي ساعة من وقتهم بلا فائدة، فهم يدرسون ويقومون بأنشطة فنية ويديرون مطعمين، واحد قرب عمان والثاني في اربد، ويستأجرون أرضا مزروعة بالزيتون والعنب والفواكه،ويقومون برعايتها وقطف ثمارها، وعصر الزيتون والمشاركة في المعارض الزراعية التي تقام في المملكة.ولديهم أيضا «حلبة خيول « عربية، بجانب المطعم الذي يديرونه، ويتم تأجير الخيول لمن لديهم هواية الفروسية.
مثل هذا النموذج من الطلبة،ليس لديهم وقت فراغ ليشغلوه بأمور تافهة،او مشاجرات جامعية، لأسباب سخيفة تعكس مستوى هابطا من السلوك والتفكير، كما يحدث في العديد من جامعاتنا.
صحيح أنه يوجد من بين شبابنا نماذج مشرفة، من حيث الاهتمام بالعلم والابداع والاعتماد على النفس،في مختلف المجالات،لكن أن تجد طلبة وطالبات في مقتبل العمر، جاءوا من أقصى شرق أسيا لتلقي العلم في بلادنا، يقدمون هذا النموذج الاسلامي الراقي،فهم أولا يستحقون الاحترام والتقدير والتشجيع، وثانيا أنهم جديرون بالاستفادة من تجربتهم.