منذ الولادة الأولى لوصفي التل في أعالي جبال كردستان العام(1920)، كانت الأشياء تنبي بأن المولود عظيم، وبأن الرحلة غير مأمونة يحفها الخطر والنفس الكبيرة التي ترى طعم كل شيء غير الشجاعة والكرامة طعما مرا، وكأن نفسه التواقة للكبرياء والحياة كانت سبب موته، وكانت سبب حياته السرمدية فينا إلى الأبد.
هذه الولادة وهذه الحياة والتربية التي تلقاه على يدي شاعر الأردن الكبير (عرار)، وانضمامه إلى حركة القومين العرب، وخدمته مع الراحل العظيم الحسين، وعقيدته العسكرية الفذة، جعلت همه الكبير فلسطين والأمة بشكل عام.
لم يأل جهدا في العمل من أجل يوم التحرير المنشود للأرض والمقدسات وشرف الأمة الذي ضاع مرتين في (1948)، و(1967)، فعمل على إعداد خطة لا تقوم على الفزعة والانفعالات وردود الفعل الآنية، بل قامت على خطة طويلة الأمد تعتمد على التخطيط السليم والتجهيز والإعداد المسبق؛ لكن رصاصات الغدر والخيانة عطلت المشروع وأوقفت الحلم، وأبقت الجميع تحت هول الصدمة والفجيعة والرحيل المر.
وصفي التل، المشروع والحضور الذي لا يغيب رغم طول السنين، ذهبت إلى ربك راضيا مرضيا تحت هتاف الطيبين، وزغاريد الأمهات اللواتي نسجن لصورتك بروازا من دمع العيون وآهات الروح، وبقيت وجعنا المقيم وجرحنا الذي لا يندمل، سيذكرك أهلك الذين أحبوك، وسيذكرك دحنون الأردن الذي تشابه مع لون دمائك الزكية، وسيذكرك سرو الجامعة الأردنية التي قمت بتأسيسها مع ثلة من الأوفياء والمخلصين، فعليك منا السلام، ولروحك الطاهرة الرحمة والخلود.
انتهــــــــــــــــــــــــى