الجامعات وفرص التمویل الذاتي منذ نشأة التعليم العالي في الأردن، قدمت الحكومات دعماً مالياً ساعد الجامعات على تحقيق أهدافها وتنامي قدرتها التنافسية في الإقليم والمنطقة العربية، حتى اكتسبت الجامعات الأردنية سمعة مميزة في جودة منتجها التعليمي، كما انعكس تأهيل الجامعات للكفاءات البشرية أثراً كبيراً على التنمية الوطنية بجميع أبعادها.
غير أنَّ تنامي عدد الجامعات وزيادة الضغط على متطلبات تحقيق التنافسية والمساهمة في التنمية المحلية، عدا عن تراجع نسب الدعم الحكومي للجامعات، تسببت جميعها في ارتفاع مديونية معظم الجامعات الأردنية، الشيء الذي عمل على تبدل الأولويات في خطط الجامعات، حيث أصبحت الإدارات الجامعية تواجه أزمات حادة إزاء تأمين موارد مالية للكثير من متطلبات المحافظة على مستوى وجودة الإجراءات الأكاديمية والإدارية.
الدعوة التي وجهها وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عادل الطويسي للجامعات بهدف البحث عن فرص للاستثمار وبناءتفاعل منتج مع القطاع الخاص، تأتي في وقت تشهد فيه معظم الجامعات الأردنية أزمة مالية خانقة ومديونية تسببت في إعاقة جميعخطط التطوير والتحديث وتحقيق الاستدامة.
المعضلة الأساسية التي تواجه الجامعات في الاستثمار ومحاولة تأمين مداخيل جديدة لدعم موازنة الجامعة تكمن في أنَّ الجامعات لمتلتفت فيما سبق للتفكير جدياً بهذا الخصوص، واهتمت فقط بمهمة التدريس واستحداث التخصصات، وتطوير برامج الدراسات العليا،حتى أنَّ الأنظمة والتعليمات في معظم الجامعات تخلو من أية إشارة لتحفيز الاستثمار واستجلاب مصادر تمويل لمشاريع انتاجية فيالجامعة.
وفي مسار آخر لم تتبنَّ الجامعات الأردنية استراتيجية دعم البحث العلمي الذي يحقق عائداً اقتصادياً على الجامعة كما هي الجامعات فيالغرب، حيث يعتبر البحث العلمي المرتكز الأساسي لدعم موازنة الجامعة إلى جانب العائد من البحث العلمي على الأبعاد الأكاديميةوالوطنية الأخرى في المجتمع، وفي هذا المجال على الحكومة وكافة مؤسساتها البدء بالتفكير في اقتراح آليات فاعلة لتقريبالمسافات بين الأكاديميا والصناعة، وتجسير الهوة الواسعة بينها وخاصة في مجالات الصناعات الدوائية والتجهيزات الطبية والزراعيةومجالات الطاقة والتعدين، ولا ضير أن تعقد وزارة التعليم العالي مؤتمراً وطنياً يقدم توصياته بهذا الخصوص. وكأحد مصادر التمويل تمثل التبرعات والدعم المجتمعي مصدراً مهماً في مساعدة الجامعات على الاستمرار في تنفيذ خططها، إضافةإلى دور مؤسسات المجتمع في توفير التمويل لمشاريع البحث العلمي، في حين أنَّ هذه التوجه لا يكاد يذكر في مجتمعنا، ولا يقدمالأفراد والشركات المحلية في الغالب ما يمكن أن يساهم في رفد الجامعات بما تحتاجه من أموال أو تبرعات أو تجهيزات مخبرية.
نتمنى أن يتم البدء في دراسة فكرة إنشاء محفظة مالية مستقلة للجامعات الحكومية يكون هدفها تامين منح ومساعدات خارجية،وكذلك الترويج لحملات تبرعات لهذا الصندوق من جهات عدة داخلية وخارجية، وتشغيل واستثمار أموال الصندوق أو المحفظة، إلىجانب إتاحة الاقتراض للجامعات بشروط ميسرة.
وعلى الجامعات التركيز على ما يشكل ميزة تنافسية لكل جامعة، وهناك مثال رائد في هذا المسار هو توجه جامعة الحسين بن طلالفي محافظة معان للاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة حيث أصبحت فاتورة الكهرباء تقارب الصفر، كما تشرع اليوم في إنشاء المزيدمن مشاريع الطاقة المتجددة والتي تمثل فرصة استثمارية كبيرة تميزت بها منطقة معان لتكون جامعة الحسين بن طلال جامعةخضراء تعتمد كلياً على هذه المصادر النظيفة والصديقة للبيئة.
Rsaaie.mohmed@gmail.com