لقد فطنت اليونيسكو وهي المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم منذ وقت طويل لتدهور أحوال الفلسفة في العديد من الدول الاعضاء فيها وحاولت بمختلف الوسائل المتاحة التي تسمح بها أنظمتها أن تنبه لخطر هذا التدهور وان تحذر من عواقبه حتى أنها قررت قبل خمسة عشر عاماً تخصيص السادس عشر من تشرين الثاني من كل عام يوما سمّتهُ (يوم الفلسفة العالمي) للاحتفاء بقيمها العظيمة والتذكير باهميتها البالغة في النهوض الحضاري للامم وأعطائها الدور التنويري القمينة بالقيام به على افضل وجه، وقد كان الاردن احدى تلك الدول التي غابت الفلسفة عن ساحاتها التعليمية لما يقرب من نصف قرن منذ تمكن تيار الفكر المتعصب من التسلل الى عقول النشء الجديد كما تسلطَ قادتُه على مؤسسات التعليم العام والخاص مغتنمين فرصة الهزيمة التي رانت على روح الأمة في حزيران 1967 فألغوا التعليم (المتواضع أصلاً) للفلسفة في مناهج المدارس ثم استطاعوا تحجيمه في التعليم العالي حتى ان جيلاً اردنيا بكامله لم يقرأ قراءةً متأنية الفلاسفةَ الافذاذ في تاريخ البشرية منذ الحضارة الاغريقية كسقراط وارسطو وافلاطون مروراً بالحضارة العربية الاسلامية كالكندي وابن سينا والفارابي كما ابن رشد في الاندلس وصولاً الى اوروبا كديكارت وكانْتْ وماركس، أللهم إلا عرضاً وسطحياً في المصادر الخفيفة الدارجة !