يحتار المرء في اختيار عنوان لهذا الموضوع لكثرة التقاطعات والتحديات والأسئلة المثارة في قضاياه، وهي في مجملها من قضايا الساعة، خاصةً أن الاعلام رحلة في تفاصيل الحياة اليومية بوقائعها وتحدياتها ومشكلاتها وقضاياها المتلاطمة، وإذا نجح في معالجتها تغنى فيه الجميع، وان اخفق في ادارتها تبرم الجميع منه، ولذلك تثار حوله الكثير من الأسئلة المفصلية في زمن تجاوز فيه الاعلام الرقمي الوسائل التقليدية المعهودة المقروءة والمسموعة والمرئية، وهذا يحتم على القائمين عليه ان يقرأوا بعمق المشهد بروح وقادة جديدة وافكار خلابة، ولا يخفى على أحد أنّ الاعلام يبني ويرفع ويهدم ويخفق، والزمن يتغير وكل شي يتطور ويتبدل، والمُشاهد للمؤسسات الوطنية على اختلافها وتنوعها يرى ذلك، لكن ما بال الاعلام الاردني يعيش الراهن في الماضي، ويقرأ الحاضر بأدوات الماضي، فهل ثمة تحديات ومشكلات تقف في وجه صناعة الاعلام أم أنّ الأسئلة أعمق وجروحها موغلة في تماهٍ ليس له نهاية؟ أسئلة الشارع لا تتوقف والاجدر بالمؤسسات الإعلامية ان تُصغيَ لرأي الناس، وتقرأ أسئلتهم بعمق وتبصر وروية، فهل يواجه الاعلام مشكلة مهنية، وهل يواجه مشكلات حقيقية؟ هل نحن امام تراجع حقيقي أمام مد الاعلام الجديد؟ اين موقع الاعلام الاردني في الموجة الإعلامية الثالثة؟ هل يستطيع ان يواكب ام يبقى ينافح في الخط التقليدي الذي لا يغني ولا يسمن من جوع؟ لماذا استطاع الإعلامي الأُردني ان يتفوق في الخارج ويبني معظم المؤسسات الإعلامية الناجحة؛ ولكنه يخفق بين حين وأخر في الساحة المحلية؟ هل لدينا الجرأة لنعترف اننا لم نعد قادرين على منافسة ابسط المؤسسات الإعلامية العربية والدولية؟ هل الامكانات هي العائق ام العنصر البشري ام قيود القوانين الضابطة؟ ما مشكلة الاعلام؟ من يقرع الجرس ويعيد ترتيب أولوياته؟ وتعالوا معي لنقف عند بعض المشاهد والصور، فمثلا حين تسمع الخبر تجده لا علاقة له بالحدث، وحين يتعلق الخبر بالتعليم تكون الصور المرافقة أشخاصاً من خارج المنظومة التعليمية فتجد صوراً لرجال وأفراد لا علاقة لهم بالتعليم، واحيانا يكتب الخبر شخص لم يحضر الفعالية إطلاقاً، ولذلك يجب محاربة الدجل والتلفيق أنّى كان؛ لانه لا يليق بالإعلام، وقبل مدة كنت اشاهد برنامجاً عن التنمر في المدارس في احدى الفضائيات وكان مقدم البرنامج يستضيف أحد الطلبة، يتحدث ويطرح وجهة نظره وكنت أتمنى ان استمع الى الطرف الاخر معلم من الميدان مثلا يتناول الامر من زاوية اخرى؛ لأن الاقناع يحتاج الدقة، وإذا كان الموضوع عن الجامعات تجد الناس يتحدثون عنها؛ وكأنهم هم من يقودونها مع انهم لا يعرفون ماذا يدور داخل أسوارها والمعنيون بالأمر مغيبون عنها، هذه مشاهد بسيطة من قضايا كثيرة يمكن ان نعاينها في المشهد العام.