حين كتب الطيب صالح روايته موسم الهجرة الى الشمال كان يطرح أسئلة الحوار بين الشرق والغرب بأسلوب جديد، واليوم تتكاثر الأسئلة وتتناسل في موسم الهجرة الجديد الى عمان، فلماذا عمان؟ ألا توجد في كل محافظة إدارة حكومية مسؤولة تقوم بواجباتها تجاه الناس والمتعطلين عن العمل؟ ألم يحن الوقت كي تُمارس تلك الإدارات واجباتها كاملة دون العودة الى مركز القرار في عمان؟ أين اللامركزية في اتخاذ القرار لتقليل البطالة وجيوب الفقر والسؤال؟
وموسم الهجرة الى عمان ذكّرني بموضوع رسالة الدكتوراه للمرحوم أحمد الربايعة ابن الغور الاردني حينما كتب عن الهجرة من الريف الى المدينة في مطلع السبعينيات عندما كان الناس يهجرون قراهم ومناطقهم بحثا عن مصدر رزق يعيشون منه، وقد كانت الوظائف عزيزة وشحيحة، وكان يضطر أبناء الريف ترك قراهم للرحيل الى عمان والزرقاء بحثا عن وظيفة أو فرصة عمل، وعمان مازالت مركز قطب الجذب وكانت الزرقاء مدينة جاذبة يومذاك، واليوم يتكرر المشهد مع تغيير في بنية خطاب المتعطلين في مختلف المناطق؛ لأن البطالة تصيب الجميع، والاعداد في ازدياد، وهنا تثور أسئلة مفصلية وجادة حول ضعف قراءة أحجام البطالة والمتعطلين عن العمل، وللاسف هناك غياب حقيقي للدراسات العلمية الجادة التي تتناول احجام البطالة وأعمارهم وأنواعها بين الذكور والإناث، وهناك تخبط واضح في منظومة اتخاذ القرار في سوق العمل، وهناك رؤية غائمة حول ردات الفعل عند اتخاذ أي قرار من الدول المانحة وابناء الدول التي يعمل ابناؤها مكان المتعطلين من أبناء البلد، وهناك استهتار حقيقي من القطاع الخاص الذي لا يستجيب لجيش المتعطلين من أبناء الوطن وتجدهم يفضلون العمال الوافدين عليهم، وهناك قانون العمل الذي يجب ان يرى النور ويرفض الاملاءات الخارجية ويعطي الأولية لابناء الوطن، ويضع القيود والضوابط التي تعيد الحق لاصحابه؛ فكيف حاربت الحكومات المتعاقبة بقوة لاخراج قانون الضريبة الذي أفقر الجميع! ولا تحارب بشراسة وقوة لإعادة فرص العمل لابناء الوطن؟