من النتائج التي أفرزها تهميش اللغة العربية في البلدان العربية ما لحق الخطّ العربي من تهميش، حيث غدا إتقان الخطّ العربي وقفاً على عدد محدود من عشّاق اللغة وعشّاق الخطّ.
وقد أغفل واضعو المناهج الدراسية والمفكّرون والمخططون التربويون والثقافيون ما للخطّ من أهميّة بالغة في حياة الأمّة، فهو ليس مجرّد حبر على ورق، بل هو مكوّن أساسيٌّ من مكوّنات اللغة العربية وصورة مجسّدة لفكر الأمّة ووجدانها.
والخطّ العربيّ عنصر أساسيٌّ من عناصر الهويّة العربي لأنّك تستطيع أن تقرأ الأمّة وصورتها من خلاله، وهو رمز من الرموز الجماليّة للأمّة، ولذلك فإنّ تهميشه يعني نزع جانب جماليّ مهمّ من صورة الأمّة.
ولذلك عندما كان العرب يعتزّون بلغتهم وثقافتهم وهوّيتهم اتخذوا من الخطّ العربي وسيلة للتعبير عن هذا الاعتزاز، فزيّنوا قصورهم وملابسهم وسيوفهم ومقتنياتهم بالخطّ. وقد عزّ عليهم وهم يتأنّقون في الكتابة أن يرتبط هذا التأنّق في ما لا قيمة له، فجعلوا مضامين ما يخطّونه فكراً ناصعاً مشرقاً وآداباً رائعة ذائعة وقيماً جليلة وأمثالاً مشهورة وآيات كريمة وأحاديث شريفة، فارتبط الخطّ بقيم الأمّة وأخلاقياتها.