بمناسبة مرور عام على تسجيل أول حالة كورونا في الأردن وتفشي الأزمة الصحية والاقتصادية وبدء الحكومة في ماراثون اطلاق المنصات الالكترونية هنا وهناك كوسيلة لإدارة الأزمة بكل جوانبها الصحية والاقتصادية والاجتماعية، فالمُتتبّع للمشهد على مدار العام الماضي وحتى يومنا هذا يجد وبدون أدنى شك بأنّ أول خطوة كانت لأي أزمة حدثت نتيجة الجائحة هي الإعلان عن إطلاق منصة الكترونية الأمر الذي يعني وبكل وضوح غياب توافر قاعدة بيانات دقيقة لدى الحكومة تستقي من خلالها أدواتها في التعامل مع الاوضاع الصحية كانت أو الاقتصادية.
فأي عملية تخطيط كانت اليوم سواء على الصعيد الاقتصادي أو في التعامل مع الأزمات تحتاج أولاً الى قاعدة بيانات ضخمة ودقيقة من شأنها تسهيل الاطلاع على الوضع الراهن فيما يتعلق بالأزمة أو القضية التي بحاجة الى تخطيط ومن ثم التمكّن من الفهم الصحيح للمشكلة وبالتالي ترتيب الأولويات في التعامل معها. فعلى سبيل المثال لو توافرت قاعدة بيانات دقيقة حول كبار السن ممن لديهم أمراض مزمنة أو لديهم ظروف خاصة لكانت آلية الوصول اليهم في إعطاء اللقاح أكثر سهولة ويُسرعدا عن الحاجة الى متابعة أوضاعهم الصحية حتى بعد ظروف جائحة كورونا، مما قد يوفّر وبشكل كبير الوقت والكلفة المالية في صرف الأدوية أو الاجراء الطبي اللازم عند الحاجة، واعتقد أن هذا ما انتبهت له الحكومة مؤخراً في العمل على توفير أنظمة الكترونية طبية توفر المعلومات الكاملة والدقيقة عن حالة المرضى لديها.
وفي المقابل أظهرت ظروف جائحة كورونا أيضاً الحاجة الى التدخلات الاقتصادية في تقديم المساعدات وتعويض المتضررين من مختلف القطاعات، إلا أن جزءاً من العدالة غاب ولم يصل جزء من هذا الدعم الى مستحقيه مرة أخرى نتيجة غياب نظام المعلومات الوطني والذي يُمكن أن يحدّد وبدقة من هي هذه الجهات وبأسرع وقت ممكن بدلاً من البدء في كل مرة بالإعلان عن منصة محددة لغرض محدد كمنصات المساعدة للضمان الاجتماعي ومنصات وزارة العمل وغيرها.
فلا اعتقد أن بريطانيا مثلاً والتي أعلنت اليوم إعطاء ما يقارب ال 20 مليون شخص المطعوم (وهنا لا يمكن مقارنة الامكانات العلمية بيننا وبينهم) إلا أنني اعتقد أن لديهم قاعدة بيانات مُنظمة وسلسلة مَكّنتهم وساعدت في تسريع أي اجراء لمواجهة الأزمة الراهنة.
ما أعنيه اليوم أنّ غياب البيانات الدقيقة والتي كان من المُفترض العمل عليها قبل سنوات بحيث تغطي كل الجوانب الصحية والاقتصادية والاجتماعية المختلفة هي ضرورة تُساعد في الكيفية التي يتم من خلالها التعامل مع الأزمة بدلاً من الكشف عن ضعف الحكومة في امتلاكها للأدوات لعدم وضوح البيانات وباتت هذه المنصات دليل واضح على ضعف امكانياتها !!