مع بدء اعتماد المطاعيم المكافحة لوباء فيروس كورونا حول العالم والانتقال إلى مرحلة أخذ المطعوم وضرورة توفيره للمواطنين، كونها الحل الأفضل للتخفيف من حدة خطورة هذا الفيروس ولنعود لحياتنا الطبيعية ونتعايش معه، وجدنا كمختصين ومراقبين لمأمونية المطاعيم وأهميتها، أن هناك جزءً لا بأس به من القطاع الطبي يرفض التطعيم، أو غير متشجّع لأخذه؛ لعدم قناعته إما بمأمونيته أو بفعاليته. والأمر ليس محصورًا في الأردن فقط، بل في كثير من دول العالم ومنها ما تحدث به ( تقرير للواشنطن بوست ذكر بأن ما يزيد على ٤٠٪ من العاملين في القطاع الطبي في أمريكا لم يتم تطعيمهم بعد وأن ما يقارب ال ٣٠٪ منهم غير واثقين بأمان وفعالية المطعوم).
ويعدُّ القطاع الطبي الركيزة الأساسية لمواجهة الوباء، سواء من خلال الدعم المباشر وتقديم الرعاية الطبية أو من خلال الدعمين العلمي والتقني لأفراد المجتمع، وأهم من هذه الأمور كلها تقديم مثال للمجتمع بمأمونية المطاعيم وفعاليتها لمواجهة الوباء .
ومن المؤكد أن ثقة القطاع الطبي بالمطاعيم ستنعكس بشكل إيجابي على المجتمع، وتخفّف من حدة (نظريات المؤامرة) الشائعة بكثرة بين أفراد المجتمع.
أعتقد أن أهم التحديات التي ستواجه الحكومة في الفترة القادمة (بعد توفر المطاعيم) تتمثل في إقناع القطاع الطبي بالمطعوم أولاً، ثم التوجه لباقي فئات المجتمع. كما تقع على عاتق الجهات الإعلامية مسؤولية مباشرة تتمثل بالتركيز على القطاع الطبي، وتقديم خبرات طبية متنوعة عبر وسائلها المتنوعة، وعدم تكرار نفس الوجوه ونفس الخبرات، التي تمثل وجهة نظر واحدة قد تكون غير مقنعة للعامة.
هذا ومما لا شك فيه، أنه وبحال امتنع القطاع الطبي عن أخذ المطعوم؛ ستكون الآثار السلبية للوباء كبيرة جدًا، ولا يمكن السيطرة عليها، لأنهم يتعرضون بشكل مباشر مع المصابين ومن الضروري توفير كافة سبل الحماية لهم، سواء بتوفير المعقمات والأدوات اللازمة أو بتوفير اللقاح لهم كأولوية قصوى .
من جهة أخرى، ولبيان أهمية المطاعيم للقطاع الطبي، فقد نشرت ثلاثة أوراق بحثية (تقارير مبدئية) في أعرق المجلات الطبية العالمية NEJM أظهرت التأثير الإيجابي للمطاعيم في حماية الكادر الطبي من خطر الإصابة.
الدراسات أجريت في ثلاثة مراكز طبية في أمريكا، وغيرها من الدول وبيّنت تأثير الحماية للمطاعيم، أهم هذه الدراسات بينت بأن فرص إصابة الكادر الطبي انخفضت من ٢.٦٪ إلى ٠.٠٥٪، أي بمستوى فعالية وحماية يزيد عن الـ ٩٠٪ من الإصابة.
هذه الدراسات جميعها تمت باستخدام مطاعيم "فايزر" و "موديرنا" وأتمنى في القريب العاجل ظهور دراسات أخرى على المطاعيم الأخرى تبيّن فعاليتها على أرض الواقع لزيادة ثقة القطاع الطبي بها.
المراجع :
1. https://www.nejm.org/doi/full/10.1056/NEJMc2102153...
2. https://www.nejm.org/doi/full/10.1056/NEJMc2101927...
3. https://www.nejm.org/doi/full/10.1056/NEJMc2101951...