أخبار الجامعة الأردنية (أ ج أ) سناء الصمادي - شارك الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في زيارته إلى الجامعة الأردنية، احتفالها بمرور ستين عاما على تأسيسها وإطلاق المجموعة الوثائقية لجامعة الدول العربية والأردن.
وقال أبو الغيط، في كلمة له بهذه المناسبة "إن الجامعة الأردنية سعت منذ تأسيسها في 19 ديسمبر 1962 إلى الوصول إلى أعلى مراتب التميز العلمي والأكاديمي، مواكبة في ذلك لغة العصر، ولغة المعلومات، ولغة المعرفة، فأحكمت عملها الأكاديمي والفني والمعلوماتي إحكاما جيدا من خلال اعتماد ما يقارب من 250 برنامجا أكاديميا تقدمها 25 كلية في مختلف التخصصات الإنسانية والتطبيقية".
وأضاف "بأنّ الجامعة تعمل على الاستثمار بالإنسان أعظم استثمار، فبناء المعرفة هو ما يبقى ويدوم، ويسعدني أن أتوجه بالتهنئة للأردن وشعبه، ولكافة أبناء الجامعة وطاقم أساتذتها وقيادتها في هذه المناسبة التي تعكس استمرارية المؤسسات العلمية وتطورها في مسيرة واثقة نحو المستقبل".
وأوضح "أن الهوية القومية العربية تواجه الآن محاولات متعمدة للطمس والتزوير والتشويه، ومن هنا نشأت الحاجة للحفاظ على الذاكرة التاريخية للمسيرة الجماعية العربية والعمل الجاد والمواصلة في حمايتها من خلال توثيق مرقمن لهذه الذاكرة، وتسخير كل الإمكانيات لتحقيق ذلك".
وتابع أبو الغيط أنه لا يتحقق الانطلاق الواثق إلى المستقبل إلا عبر علاقة صحية وسليمة مع الماضي، مشيرًا إلى أنّ من لا يدرس ماضيه وتاريخه يظلّ غير قادر على ولوج بوابة الغد، فالخطوة الأولى نحو فهم التاريخ واستخلاص دروسه تتمثّل في حفظ آثاره من الضياع، وصيانة وثائقه من النسيان، وقد أولت الجامعة العربية اهتمامًا كبيرًا لمجال التوثيق منذ أكثر من ثلاثة عقود، فجاء تأسيس أول مركز للتوثيق والمعلومات في المنطقة العربية عام 1980 في الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، في انعكاسٍ لأهمية مواكبة الركب التكنولوجي ونقل المعرفة وإتاحة المعلومات للمواطن العربي، وعليه، فقد توالت من وقتها المشاريع والبرامج في مجال التوثيق تحت لواء جامعة الدول العربية.
وزاد قائلا "إن شبابنا سيواجهون منافسة شرسة، لا فقط من أقرانهم عبر العالم كله في اقتصادٍ متصل ومتشابك، وإنما أيضًا من برامج الذكاء الاصطناعي التي ستكون لتطبيقاتها في المجالات المختلفة تأثيرات واسعة وعميقة على سوق العمل والمهارات المطلوبة في المستقبل، ولا حل أمام نظمنا التعليمية، خاصة في المرحلة الجامعية، سوى بتسليح أبنائها بمهارات التعلم الذاتي عبر رحلة العمر، وتدريبهم على التكيف مع المتغيرات الآتية التي لا نستطيع اليوم الإحاطة بكافة أبعادها، كما إنّ التكيف مع الأوضاع المتغيرة، لا سيما في زمن يسوده انعدام اليقين، يظل مهارة أساسية يتعين على المؤسسات التعليمية تسليح الأجيال الجديدة بها".
وقد شهدت الآونة الأخيرة اهتمامًا متزايدًا عالميًّا وإقليميًّا بالحفاظ على المواد التراثية، فصار من الواجب على جامعة الدول العربية أن تلحق بذلك الركب، وقد أُطلق في عام 2014 مشروع "توثيق ذاكرة جامعة الدول العربية" على أساس حفظ مسيرة العمل العربي المشترك منذ ميلاد فكرة التأسيس في عام 1943 وحتى الآن، وذلك من خلال توظيف تقنيات المعلومات ودمجها بفن التوثيق المرقمن عالي الجودة لإبراز إسهامات جامعة الدول العربية في منظومة العمل العربي المشترك على مدار أكثر من 75 عامًا.
وأشار أبو الغيط الى ان المملكة الأرنية لعبت دورًا مهمًّا وفاعلًا في إطار منظومة العمل العربي المشترك منذ لحظة تأسيس الجامعة، وجاء إسهامها امتدادًا لدورها البارز في الحركة القومية العربية منذ الثورة العربية الكبرى، مرورًا بمشاورات الوحدة العربية التي أسهمت في النهاية بتأسيس بيت العرب الذي يضمنا تحت سقفه حتى اليوم.
وأكد رئيس الجامعة الأردنية الدكتور نذير عبيدات أن الأردن مثّل دوما وجدان الأمة العربية وكينونتها، وهو البلد الأقرب لكل عربي وعربية، فالتاريخ المنصف المحايد يتكلم بصدق تامّ عن الأردن وأهله وقيادته، فهذا البلد يُعدّ بوابة الفتح الأولى يوم كان كُرّار مؤتة يخوضون أول معارك النور والحق خارج الجزيرة العربية، وعلى أرضه تكسرت إمبراطوريات كبرى يوم كان سيف الله المسلول خالد وصحبه الأخيار يخيمون في حوران وحول نهر اليرموك، حاملين مشاعل الهداية والإيمان، يخرجون الناس من ظلمات الشرك والجهل، إلى بوابات النور والإسلام العظيم.
وأشار إلى أننا في الأردن طالما كنا ملتصقين بقضايا العرب والأمة، وقادتنا من بني هاشم كانوا خير من نادى بوحدة العرب وضرورة تفعيل دورها منذ إطلاق الشريف حسين رحمه الله رصاصته الأولى في وجه الظلم والاستعباد والجهل، فكان لا بد من إشهار هذه الكتب التي تؤرّخ لعلاقة الأردنّ بالجامعة العربية، لا سيّما وهو من الدول المؤسسة التي سعت إلى وجود مظلة عربية تدعم الجهود العربية المشتركة في توفير ما يليق بالمواطن العربي من خدمات وسبل عيش كريمة، وما يدعم تحرره وحريته وتعبيره عن ذاته العربية الأصيلة.
وأوضح أن الجامعة الأردنية سعت منذ تأسيسها إلى بذل جهودها في توثيق ما يخصّ الأُمة والأردن، ويخدم ذاكرة الناس، ويبقيها حيّة تنهل منها الأجيال بعد الأجيال، ليعرف الأبناء والأحفاد بتضحيات الآباء والأجداد كي يبنوا على ما تراكم من ذاكرة ومعرفة وإنجازات.
ويجيء جهد الجامعة الأردنية في إعادة طباعة هذا الكتاب، وهي تحتفل بستّين عامًا على تأسيسها، ضمن مسؤوليتها الوطنية والثقافية والأدبية تجاه السياق المعرفي والتاريخي لذاكرة الأردن وهو يعبرُ إلى مئويته الثانية، بإصرار وعزم وقدرة أكبر على تطويع المستحيل، في سبيل توفير كل ما هو متاح ومتوافر ليكون الإنسان الأردني في طليعة الشعوب، قائدا لمسيرة الإنجاز التي يرعاها ويقود زمامها جلالة الملك المعزز عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم.
وثمّن عبيدات جهود جامعة الدول العربية الطيبة على هذه البادرة التي نجم عنها إعداد هذه الإصدارات وإخراجها، والتي تعدُّ مصدرًا مهمًّا للمكتبة العربية والباحثين عن المعرفة والحقيقة، مقدّمًا شكره لسفارة المملكة الأردنية الهاشمية في القاهرة ومندوبيتها الدائمة لدى جامعة الدول العربية على جهودها المبذولة في التنسيق والمتابعة وتوفير الإمكانات اللازمة ليخرج هذا الكتاب وفق ما نتمناه جميعا؛ خدمة لوطننا الأردن وبلادنا العربية العزيزة.
وكانت الجامعة الأردنية قد أطلقت مؤخرا، بحضور أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط ومندوب الأردن الدائم لدى جامعة الدول العربية السفير أمجد العضايلة، الكتب التوثيقية الثلاثة الصادرة عن جامعة الدول العربية حول المملكة الأردنية الهاشمية، وذلك بالتزامن مع احتفالية الجامعة الأردنية بعيدها الستين، والتي توزعت على ثلاثة أجزاء: "نماذج وثائقية مختارة"؛ و"ألبوم صور فوتوغرافي"؛ و"مواد بريدية متنوعة"، من مجموعات ومقتنيات مكتبة الجامعة العربية ومتحف البريد العربي الكائن بمقر الأمانة العامة، والتي تضيف في مجموعها لَبِنةً أساسية إلى مشروع توثيق ذاكرة جامعة الدول العربية، التي تسعى الأمانة العامة إلى تنفيذه حفاظًا على كيان الذاكرة الوطنية والهوية العربية.