قادت دراسة تهدف إلى إعادة دراسة الصخور القديمة العلماء إلى تقدير بداية تشكل النواة الداخلية لكوكب الأرض قبل الفترة المعتقد والمحددة بنحو 1.3 مليار عام.
فمع بداية مرحلة التجمد بدأت النواة تصدر مجالا مغناطيسيا أكبر، مازال مستمرا حتى يومنا هذا. ونشرت نتائج الدراسة في دورية "نيتشر" المعنية بشؤون الطبيعة.
وتتناقض النواة النشطة لكوكب الأرض بشكل كبير مع كوكب المريخ المجاور لنا، والذي توقف مجاله المغناطيسي القوي مبكرا قبل نحو 4 مليارات عام. ويتولد المجال المغناطيسي لكوكبنا في أعماق الأرض عن طريق حركة اهتزازية للحديد المنصهر كهربيا في نواتها الخارجية. ويؤدي هذا المجال المغناطيسي إلى حماية الأرض من العواصف التي تقذفها الشمس باستمرار.
وتولد هذه العواصف، عند القطبين، هالة ضوئية شمالا وجنوبا. ولكنها قد تعمل أيضا بشكل مدمر بحيث تجرد الغلاف الجوي الأعلى من الأوزون، وهذا الغلاف هو الدرع المهمة التي تحمي الأرض من الأشعة فوق البنفسجية الضارة للشمس.
وثمة اعتقاد بأن الحياة على الأرض قد نمت نتيجة سماح المجال المغناطيسي لهذا الغلاف الحامي بالبقاء لمئات الملايين من السنوات.وتتولد الحركة الاهتزازية للحديد في النواة الخارجية السائلة إلى حد ما من الحرارة الزائدة في مركز الأرض، التي تنتقل إلى أعلى وإلى الخارج عن طرق ما يعرف بالحمل الحراري، وأيضا عن طريق التصلب البطيء للنواة الداخلية الصلبة في مركز الكوكب.
ومع تجمد الحديد في مركز الأرض، مشكلا النواة الداخلية، يطرد الضوء تلك الشوائب الزائدة في النواة الخارجية السائلة، ويؤدي ذلك إلى زيادة الحمل الحراري في النواة الخارجية، وزيادة المجال المغناطيسي. وتعتبر زيادة المجال المغناطيسي بمثابة التوقيع الذي يبحث عنه العلماء في الصخور السحيقة جيولوجيا: وهو تسجيل يرصد بدء عملية تصلب النواة.
وتقول أندي بيغين، من جامعة ليفربول، المشرفة على البحث إن " توقيت أول ظهور للحديد الصلب أو (تنوّي) النواة الداخلية مازال محل جدل كبير، لكن من المهم تحديد خصائص وتاريخ أعماق الأرض".
واحتلت مسألة توقيت بداية تصلب الحديد المنصهر في مركز الكوكب وتكوين النواة الداخلية أهمية كموضوع يخضع لمناقشات علمية.وتعتمد تقديرات ونماذج تشكل النواة الداخلية على فهم خصائص الحديد في الظروف القاسية في مركز الأرض، والضغط الذي يصل إلى أكثر من ثلاثة ملايين غلاف جوي، ودرجات حرارة تصل إلى نحو ستة الآف درجة مئوية.
وتضيف بيغين : "النموذج النظري الذي يناسب بياناتنا على نحو أفضل يشير إلى أن النواة تفقد حرارتها أبطأ من أي مرحلة أخرى خلال ال 4.5 مليار عام الأخيرة، وهذا يؤدي إلى فيض من الطاقة ينبغي أن يحافظ على المجال المغناطيسي للأرض لملايين السنيين الأخرى".
ويقول ريتشارد هاريسون، من جامعة كامبردج، وهو غير مشارك في الدراسة، لبي بي سي : "دراسة مغناطيسية الصخور القديمة يمثل تحديا علميا هائلا، لأن الصخور القديمة يمكن أيضا أن تفقد ذاكرتها المغناطيسية، أو أن تصبح إشاراتها المغناطيسية التي تحملها مشوشة أو معطوبة (تماما مثل ملفاتك على القرص الصلب في الكمبيوتر)".
وأضاف : "لكن ذلك يعد من أفضل طرق البحث عن أدلة ملموسة بشأن توقيت بداية تصلب النواة".
وقال : " على الرغم من أن البيانات شحيحة، إلا أن هذه الدراسة طبقت ضوابط محكمة الجودة لتحديد أي البيانات هي الأفضل من حيث الاعتماد عليها، كما استخدمت احصاءات للتأكيد على أن تحفيز المجال المغناطيسي للأرض حدث قبل 1300 مليون عام.فإذا كان ذلك بمثابة توقيع لنمو النواة الداخلية، حينئذ ربما يتعين علينا مراجعة أفكارنا بشأن النواة مرة أخرى".