هناك في أم الجامعات ؛ مساءات ممتدة من بين أروقة المكتبة وظلال المعرفة وبدايات الوعي، تجد الصورة الأخرى لمجتمع الطلبة الذي تحدثنا عنه بظواهر العنف وغيرها من الأحاديث التي باتت تأخذ المساحة الأكبر في الإعلام وتصف جسمنا الطلابي بأنه بدأ يفتقد لجديته العلمية والثقافة.
في مكتبة الجامعة الأردنية، ودوامها الممتد حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً كل يوم، تجد الصورة الأخرى عن كل ذلك، تجد المقاعد الممتلئة لطلبة يسهرون على علمهم، وأمام المكتبة تكاد ترى مجتمعاً نخبوياً مشغولاً بكل تفاصيل الثقافة والأدب والسياسة والإجتماع وغيرها من الأحاديث التي ترتفع وتيرتها في الجدل المتزن حينا ًو في هدوء حينأ.
مكتبة الجامعة الأردنية هي مساحة في وطننا تمنح من يطمح أن يرى الغد صورة عن «أردن مشرق» فأروقتها لا تهدأ ورفوف الكتب لا تكف عن الرواح والمجيء، وعناوينها جميعاً قيد البحث منظورة ومن جميع المستويات والبرامج الدراسية، إضافةً للمثقفين الذين يمرون على عتباتها باستمرار.
ما يستدعي الحديث عن مكتبة الجامعة الأردنية، هو أننا أصبحنا نستغرق في رسم السياسات والاستراتيجيات والحديث عن الجامعات من منظور ظواهر العنف الطلابي والمجتمعي، وبتنا نؤكد في مجالسنا على الكراتين دون علم فاجتررنا بذلك الحديث الخبيث الرديء مع الطيب النافع.
ولأن مستقبل الأوطان يقرأ من جامعاتها وعمرانها السليم، فاننا نجد أننا نخبة من طلبة العلم يمضون الساعات وحتى انتصاف الليل في بناء الفكر وتشييد العلم، ففي المكتبة تجد مجتمعاً طلابياً مثاليا ً من طلبةٍ لا زالوا يبحثون ويمضون وقتهم في النهل من العلم.
والمكتبة اليوم أدركت مكانها ليس في المجتمع الطلابي وحسب، إنما ومجتمع الجامعة الذي أصبحت تشكل جزءاً منه لذا فهي توسعت في قاعاتها وبنائها الذي ارتفع طابقاً لتكون قادرة على إستيعاب الطلبة ومرتادي المكتبة خلال أوقات الذورة, التي تتمثل في فترة الامتحانات، وأضحت اليوم بقواعد بياناتها الأكاديمية حاضنة معرفية قادرة على توفير مفردات البحوث العلمية وترتبط قواعد بياناتها مع العديد من مراكز البحوث والمكتبات العالمية.
وعلى المستوى الإداري تجد موظفيها يعملون بجد لأجل أن تبقى مكتبة الجامعة الأردنية عامرة بهذه الحالة الإيجابية في وطننا، ففي مكتبة الجامعة الأردنية مساحات مضيئة لغدٍ مشرق ولجيل قادر على خلق الأفضل ومن هناك تقرأ أن الوطن والتعليم بخير، رغم كل المتشدقين ببعض الظواهر الطبيعية لأي حالة تعليمية في العالم، فلا يسع المار من هناك إلا أن يدرك بأن الثقة في شباب الوطن هي في محلها.
نقلاً عن صحيفة "الرأي": بتاريخ 23/3/2015