كان هذا عنوان المؤتمر الذي عقد بتعاون كريم من «جامعة الشرق الأوسط» , «مع جمعية القيادات الإدارية الأردنية» , والذي تم تسليط الضوء فيه على واقع كليات الإدارة كنموذج من نماذج التعليم العالي ومخرجاته.
لقد وضحت أوراق العمل ضحالة التدريب الذي يعطى لطلبة كليات الإدارة , وهي أساس لتمتين البعد النظري على مستوى المملكة , ولم تكن هناك دراسات للتغذية الراجعة والتي يمكن على ضوئها قياس مقدار تحقق ما درسه الطلاب وتطبيقه في عالم الواقع عملياً , كما أظهرت الأوراق موضوع المساقات الدراسية وتطبيق معايير الاعتماد , ومخرجات امتحان الكفاءة على مستوى الجامعات الرسمية . وفي نفس الإطار فإن موضوع رسائل الماجستير والدكتوراه , لا يمكن تطبيق المعايير الدقيقة للبحث العلمي عليها لتكون أنموذجاً للحالات الإدارية والمشاكل الإدارية التي يمكن أن نعول عليها كي تقدم للأمام عملية التطوير الإداري , أما موضوع الحوكمة فكانت واضحة وأن ( 53 ) معياراً التي طرحها الدكتور يعقوب ناصر الدين بعيدة المنال في مؤسسات التعليم العالي والتي تسمح بعملية التطوير المنشود.
سأقف قليلاً عند موضوع الحوكمة عند نموذج الرسول صلى الله عليه وسلم , والذي قال فيه الحديث : عندما ولىّ شخصاً وجاء هذا الشخص ليقول : «هذا لكم وهذا أهدي إليّ فأجابه الرسول صلى الله عليه وسلم ( أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك حتى يهدى إليك ).
وعندما رأى عمر بن الخطاب إبلاً سمينة وسأل عن هذه قالوا : لعبد الله بن عمر , فقال عمر : ألحقوها ببيت مال المسلمين , قال عبد الله : هي إبلي , فقال عمر : نعم ولكن المسلمين قالوا أفسحوا المرعى لإبل ابن أمير المؤمنين فسمنت على حساب إبلهم , وكان يولّي الشخص فيقول (لقد وليناك اختياراً وعزلناك اختباراً) - وعندما كان يحسّ الخليفة أن والياً قد حاد عن الطريق يقول له (لقد كثر شاكوك وقلّ شاكروك , فإما اعتدلت وإما اعتزلت) فيرسل له رسالة يقول فيها (يدك في الكتاب ورجلك في الركاب).
إن القرار الإداري له أهمية في بناء الدولة ؛ لأن الطبيب قد يخطئ في حق شخص , والمهندس قد يخطئ في بناء , أما القرار الإداري فله تماس مع السياسة والاقتصاد والمجتمع وقد يبنى عليه دمار أوسع من قرار الطبيب أو المهندس , إن الذي يفشل في إدارة بيت أو مدرسة أو مسؤولية بسيطة لا يستطيع أن يدير دائرة أوسع , ومن هنا فنحن بحاجة إلى تسليط الضوء أكثر على البعد الإداري , وهذا ما حاولت جمعية القيادات الإدارية أن تؤشر عليه في مؤتمراتها المختلفة , وكان أخره مؤتمر جامعة الشرق الأوسط , والذي خرج بمجموعة من التوصيات سنضعها بين يدي المسؤولين للاستفادة منها في عمليه التطوير الإداري بشكل عام , وفيما يخص كليات الأعمال بشكل خاص , وسيكون المؤتمر القادم والذي سيعقد أيضاً في جامعة الشرق الأوسط ( حول دور كليات الأعمال في الوطن العربي ) ودورها في عمليه التطوير الإداري , وستطبع كل أبحاث المؤتمر أيضاً في كتاب لزيادة المعرفة والإطلاع لمن يرغب , وهذا الجهد هو جهد تطوعي خدمة لبلدنا وغيره على مصلحة عليا , وقناعة منا أن الإدارة في الأردن كانت سباقة على مستوى الوطن العربي ونريد لها أن تبقى.