هناك عدد من المؤشرات التي تنبئ بتنامي اهتمام المجتمع الأردني بالتعليم، حيث بادرت أصوات متنوعة عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي إلى التعبير عن مواقف وآراء، دارت في مجملها حول قضية التعليم ونوعيته، وربما كانت تركز أكثر على الصورة التي يرغب البعض في تعزيزها في أذهان الناشئة، للمجتمع الذي نطمح أن نكونه؛ والذي يعتبر التعليم أحد أهم روافده.
على الأردن اغتنام فرصة المراجعة الحالية للمناهج والتي يبدو أنها تلقى قبولا مؤسساتيا وشعبياً، والمبادرة لتفكيك نظام التعليم وإعادة بنائه، بما يوائم احتياجات المجتمع ومستقبل سوق العمل. غنيٌ عن القول أن التعليم بمراحله المختلفة وبخاصة الأساسي يساهم بشكل كبير وجوهري في صقل شخصية الفرد وتنمية وعيه بدوره وبمجتمعه. لذلك فقد برز توجه دولي لإعادة ترتيب أولويات التعليم والانتقال من التركيز الصرف على تعليم المهارات الأساسية للقراءة والكتابة والرياضيات إلى التمركز على القيم وإعادة الاعتبار لها كونها النواة الأساسية لعقل الانسان ومعارفه. فالقيم بصفتها أهم ركائز الشخصية تعود تدريجيا كأهم أولويات التحديث والتطوير في مناهج التعليم، وكذلك في تطوير وإعادة بناء العملية التعليمية بأركانها المختلفة (المنهج والمعلم والمدرسة والصف والوسائل التعليمية وغيرها). وكذلك يتم التركيز بشكل مواز على العملية التعليمية التي يجب أن يتم ربطها بشكل مباشر بالحياة والتجربة عبر الوسائل والأدوات التعليمية.
إن المؤسسة والشعب في الأردن محقان بهذا الاهتمام، الذي يبدو أنه يتزامن مع عدد من الدراسات الدولية التي تركز على أهمية إعادة تعريف وتحديد أولويات التعليم، وبخاصة التعليم الأساسي. وهذا التوجه هو وليد عدد من التغيرات المتعلقة بالتكنولوجيا والمجتمع والتعليم وغيرها، وكذلك الاجتماعية من حيث تبدل أنماط العلاقات الاجتماعية وتفسخ عدد من الوشائج المجتمعية المختلفة، إضافة الى متغيرات سوق العمل. ويبدو أن التربويين وصناع القرار في التعليم أمام تحديات جمة، ربما من أهمها أنهم يقومون بتصميم مناهج لتعليم أجيال، سوف يكون مطلوبا منها القيام بوظائف لا نعرف عن أي منها الكثير في الوقت الحاضر، ما يتطلب الكثير من البحث والاعداد.
هناك مقولة منسوبة لأحد الصحابة، والتي مفادها "أن علينا أن نعد أبناءنا لزمان غير زماننا"، ويبدو أننا في زمان فيه الكثير من التحيز والاستقطاب والعداء للنفس والآخرين، وهذا المجتمع بتعدده هو أحد مخرجات نظام التعليم الحالي، والذي ما فتئنا نتلمس آثار قصور مخرجاته على أكثر من صعيد. علينا أن ننجح في بناء مستقبل أكثر رخاءً وأمناً واستقراراً لأطفال الأردن.. والمفتاح هو التعليم.
نقلا عن صحيفة الغد 13/4/2017